يا سادة.. فسادُكُم ينخُرُ مفاصل الدّولة

بقلم: هشـام كـركي

مجدّداً، تنتشر ظاهرة الفساد في لبنان على كل المستويات، وتتسع رقعتها يوماً بعد يوم.  وتتكشّف الملفّات المزمنة، من عقود سوكلين والمنطقة الحرة في مطار بيروت الدولي، وصولاً إلى فضائح وزارة المالية مروراً بملف قوى الأمن الداخلي، والهيئة العليا للإغاثة، وشبكات الدّعارة، وليس آخرها ملف شبكات الأنترنت والتخابر الدولي والخليوي، وغيرها من الملفّات.

فالفساد في لبنان أصبح ثقافة و ليس نهجاً فقط، إذ لا يرتبط فقط بالهدر المالي كما معرّف عنه، إنما يمكن أن ينخر مفاصل الدولة وكافة شرائح المجتمع حتى يصبح من الروتين اليومي للمواطن، في غياب فاضح للمحاسبة وملاحقة الفاسدين والمفسدين المعشِّشين في أقبية الإدارات العامة وزواريبها ومحاسيبها، دون رقيب أو حسيب.

ويغيب على المسؤولين أن تراكم الملفّات بات من الصّعب معالجته، في غياب الحسابات الشفّافة والقضاء المستقلّ، لكن الانطباع العام، هو أن وضعنا على صعيد مكافحة الفساد لم يتحسّن قط منذ عام 2001. وإلى حين إجراء إصلاح مالي وتصحيح لمسار القضاء، لا يمكن توقّع الكثير، بل سيصطدم بالكثير من المعوّقات، ليس أقلّها الإرادة السياسية في كفّ يد المحاسيب وقطعها، لما لها من ارتدادات وتأثيرات سلبيّة تطال المجتمع برمّته، وتوسّع من رقعة التفكّك في دولة تُدار من منطلق المنافع لا من مبدأ الواجبات.

إن مسألتين تعوقان تقويم التقدّم في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في لبنان.

الأولى: آليات الضبط وقياس الأداء والشفافية في الحسابات المالية العامة وحسابات الإدارات، وللأسف منذ عام 1993 ليست لدينا حسابات دقيقة وشفّافة.

الثانية: القضاء بوضعه الحالي، لجهة تدخّل السياسيين فيه، والذي يحتاج إلى كثير من الإصلاح لكي يكون أداة لتحقيق العدالة وكشف الفساد ومحاسبة الفاسدين.

إن المدخل الوحيد للقضاء على هذه الحالة هو الإصلاح السياسي واعتماد خيارات تؤمّن النموّ المتوازن ودعم القطاعات الإنتاجية وحماية الصناعات الوليدة ومنع الإغراق، وهذا بدوره لا يتمّ إلا بتقديم القوى السياسية رؤية شاملة متكاملة تتناول كافة الجوانب السياسية والاقتصادية في البلد.

إن التحقيقات الجارية في ملفات الفساد لن تصل إلى نتيجة، وأن أحداً لن يصل إلى الرؤوس الكبيرة المتورّطة في هذه الملفات، لأن التجربة اللبنانية غير مشجّعة في الوصول إلى المتورّطين الحقيقيّين، وتحديداً في بلد طائفي مثل لبنان، وبالتالي فإن تعالي حدّة الصراخ لن يقود إلى شيء، بقدر ما يشير إلى أن ذلك مقدمة لإيصال هذه التحقيقات إلى الحائط المسدود ووقف التعقّبات بحق المرتكبين الفعليّين، ما يعني تشجيعاً لهؤلاء للاستمرار في ارتكاب الموبقات، كونهم يدركون أنهم بعيدون عن المحاسبة ولن تطالهم يد القضاء والعدالة.

ولا بدّ في هذا المجال، من إنصاف القيادات الأمنية التي تتحمّل أعباء وأخطاء السياسيّين وانعكاسات خطاباتهم اللامسؤولة، في ضبط الشارع، وكشف الشبكات المخلّة بالأمن الإجتماعي، وليس آخرها فتح ملف قوى الأمن الداخلي.

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بخاش: الاعتداءات الممنهجة على المراكز الصحية في الجنوب هي جرائم حرب

استنكر مجلس نقابة أطباء لبنان في بيروت الاعتداءات الممنهجة على الجسم الطبي والتمريضي من قبل ...

Visa تطلق حلولاً جديدة مرتكزة إلى الذكاء الاصطناعي دعماً لأعمالها بمجال خدمات القيمة المضافة

*إضافة ثلاثة حلول جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى مجموعة Visa Protect للمساعدة في منع الاحتيال ...

تقرير جديد من ماستركارد يكشف بأن التواصل البشري والابتكار التقني أساسيان لبناء مدن المستقبل

• تقرير مدن المستقبل من ماستركارد يستكشف تطلعات سكان المناطق الحضرية في منطقة الشرق الأوسط ...