زمكحل: أهمية العقوبات كحجر أساسي للضغط والإصلاح

إذا لم تُجمّد أموال الفاسدين في الخارج فستعود إلى لبنان لشراء ما تبقّى من مؤسسات الدولة والشركات الخاصة بأسعار بخسة

تحدث رئيس تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم الدكتور فؤاد زمكحل، عن اهمية العقوبات الدولية على بعض السياسيين في لبنان كحجر أساسي لبدء الاصلاحات الحقيقية وتشديد الضغوط. علماً أن هذه العقوبات يُمكن ان تطال شخصيات سياسية حزبية وغيرها.

إن مَن يُنفذ هذه العقوبات الدولية هي أولا الأمم المتحدة United Nations))، من بعد التصويت في الجمعية العمومية في مجلس الأمن. ومن الصعب جداً أن يكون هناك أجماع في التصويت أو يمكن لبعض الدول ان تستخدم حق النقض الفيتو، وخصوصاً بعد الإنقسام الدولي الحاصل، ولا سيما في ظل وجود الدولتين العظميتين العضوتين الأساسيتين في مجلس الأمن، عنيتُ جمهورية الصين، والإتحاد الروسي، حيث من الصعب جداً أن يُصوتا إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية، لأسباب سياسية كبرى، وصراعات كبرى، بات متعارفاً عليها.

اما النوع الثاني من العقوبات، فهي الصادرة من البلدان العظمى، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية التي تُعتبر حاكمة العالم إقتصاديا، وتُسيطرة على القوى العالمية، إقتصادياً ومالياً ونقدياً. ومما عُرف مؤخراً، أنه من العقوبات الكبرى التي فُرضت أخيراً، هو «قانون قيصر» الذي طال الدولة السورية بتهمة جرائمها ضد الإنسانية وغيرها.

كما فرض «قانون ماغنيتسكي» وهوَ قانون قُدّم من قبل الحزبين الديموقراطي والجمهوري في الكونغرس الأميركي وصادقَ عليه الرئيس السابق باراك أوباما في ديسمبر/ كانون الأول 2012. وينصُ القانون على مُعاقبة الشخصيات الروسية المسؤولة عن وفاة محاسب الضرائب سيرغي ماغنيتسكي في سجنه في موسكو في العام 2009.

ومنذ العام 2016 والقانون مُفعّل على مستوى كل دول العالم، مما يخولُ الحكومة الأميركية فرضَ عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان في كل أنحاء العالم من خلالِ تجميد أصولهم وحظرهم من دخول الولايات المتحدة وقد تمتدُ العقوبات لأمور أخرى. هذا القانون يُمكن أن يُنفذ في لبنان أيضاً.

في الخلاصة، إن العقوبات التي يُمكن أن تُنفذ اليوم على لبنان هي العقوبات الأميركية ولا سيما ما يُسمى بـ «قانون ماغنيتسكي»، وهي عقوبات ضد الفساد، وتبييض الأموال، وتمويل الإرهاب والجرائم ضد الإنسانية..

هذه «العقوبات الأميركية» يُمكن أن تُنفذ على الأرض اللبنانية، (وفق البراهين والحجج المعتمدة دولياً، بإعتبار أنها ملفات تُدرس بطريقة واضحة وواقعية، وبأدلة مؤكدة)، أي أن تُنفذ هذه العقوبات ما وراء الحدود الأميركية، وتُوجه إلى بلد معيّن مثل لبنان».

الأدلة الأساسية للعقوبات

يقول الدكتور فؤاد زمكحل: لماذا نتحدث عن عقوبات دولية؟ لأن في لبنان لسوء الحظ، الحكام هم الحَكم أيضاً، وتالياً فإن كل السياسيين الذين حكموا لبنان منذ نحو 30 عاماً، هم الذين إستطاعوا أن يُنظموا العدالة والقضاء في هذا البلد. فهل هذه العدالة الدولية، لديها الثقة بالحَكم الذي هو الحاكم؟ أكيد لا، ليس لدى هذه العدالة أي ثقة بهؤلاء الحكام. فاللبنانيون في النتيجة، ليس لديهم ملجأ إلا إلى السلطات الدولية، أو المحاكم الدولية، وبمعنى آخر نحو فرض العقوبات الدولية».

العقوبات الدولية ولبنان

يضيف الدكتور زمكحل: «كلنا نعلم، إن عناوين كل السياسيين في كل البرامج الإنتخابية وغيرها، هي محاربة الفساد. لكن لسوء الحظ، إن كل الذين يريدون محاربة الفساد هم الذين يُمثلون الفساد. علماً أن كل الشعب اللبناني المقيم في لبنان، والمغتربين اللبنانيين في كل أنحاء العالم، والسلطات الدولية ولا سيما البلدان المانحة، يعلمون تمام المعرفة مَن هم الفاسدون، ومَن عمل على تبييض الأموال، ومَن أهدر أموال الدولة والمواطنين.

لماذا السلطات الدولية تتراكض نحو العقوبات؟ لأن هذه العقوبات هي عقوبات مالية بإمتياز. لكن لماذا يجب أن تكون مالية، وأن تكون الحجر الأساس بغية إعادة النهوض في لبنان؟ لأنه في حال لم تُطبق هذه العقوبات المالية، كلنا يعلم أن أموال الفساد والهدر، كما أموال السياسيين وكل الأحزاب، أُخرجت إلى خارج الأراضي اللبنانية.

هنا، أنا لا أتكلم عن إسترجاع الأموال المنهوبة وغيرها فقط، لأن ثمة أخطر من ذلك، إذ إن هذه الأموال، في حال لم تُجمّد وفق عقوبات معينة، فإن هذه الأموال ستساعد كل السياسيين على تمويل إنتخاباتهم مجدداً، ومن ثم يستطيعون العودة إلى السلطة أيضاً.

وفي حال جُمّدت هذه الاموال المشبوهة بفضل العقوبات، فإن كل هؤلاء السياسيين لن يعود في مقدورهم أن يُموّلوا أحزابهم، وتالياً إنتخاباتهم. لذلك، هذه العقوبات مهمة، ويجب أن تطال كل الشخصيات اللبنانية، التي تعاطت الشأن العام منذ سنوات طويلة، لأنه في حال لم تقع العقوبات على هؤلاء السياسيين، فإنهم سيستعيدون أموالهم السياسية لمشروعاتهم المشبوهة، ولشراء ممتلكات الدولة وحتى الشركات الخاصة باسعار متدنية جدا جراء الازمة الاقتصادية التي ولدت من رحمهم.

لماذا يجب فرض العقوبات وتجميد أموال ما يُسمى بالـ PEP – Politically Exposed Persons، أي كل مَن تعامل في القطاع العام؟ لأنه علينا أن نعرف، أنه ليس في مقدورنا أن نستعيد بناء إقتصادنا الوطني وكل مؤسسات الدولة، إلا من خلال الخصخصة أو الشراكة بين القطاعين العام والخاص. فإذا ذهبنا نحو تطبيق هذه القوانين، نسال مَن يملك الأموال للخصخصة؟ ومَن لديه الأموال للشراكة؟ غير السياسيين والحزبيين عينهم، الذين يملكون أموالاً خارج لبنان كما سبقت الإشارة؟ هذه الأموال، يُمكن أن تعود إلى لبنان، ليس كأموال منهوبة، إنما بغية إستخدامها من قبل السياسيين والحزبيين في سبيل إستثماراتهم الشخصية وشراء البلد بأسعار منخفضة، حيث سيكون ذلك أكبر إستثمار في تاريخ لبنان من أموال السياسيين والحزبيين الفاسدين.

في المحصلة، في حال لم تحصل العقوبات، وتجميد الأموال، ولا سيما أموال السياسيين وكل الـ PEP، فإن هؤلاء سيستفيدون في إستثمارات أخرى أي حزبية، وإنتخابية، وشراء ما دمروه بأسعار بخسة.

نحن اليوم نطالب بصوت عال بعقوبات دولية، على الأقل أن تُجمّد أموال السياسيين والحزبيين، وتُفتح ملفات التحقيق حيال كل أموال السياسيين اللبنانيين والـ PEP، وإذا نجم عن التحقيق أن هذه الأموال بريئة، وليست فاسدة أو آتية من جهات فاسدة، فأهلاً وسهلاً، وفي حال كانت هذه الأموال آتية من جهات لا يحق لهم أن يحصلوا عليها، أو كانت من أموال الشعب، فإنه يجب تجميدها وتالياً إسترجاعها تحت المراقبة الدولية. وإلا فإن هذه الأموال ستعود إلى السياسيين والحزبيين مجدداً، من أجل تمويل أهدافهم الإنتخابية الفاسدة والمشبوهة.

لذا، نطلب كرجال اعمال لبنانيين في العالم من كل المنظمات الدولية، ومن جميع الغيورين على لبنان وشعبه وإقتصاده، تنفيذ وتطبيق العقوبات الدولية اليوم قبل الغد، وليس ضد شخصية معينة، إنما ضد مئات الشخصيات اللبنانية. لأنه صار الوقت أن نسحب كل هذه الطبقة السياسية من وجودها الهيّن، وهي الطريقة الوحيدة التي يُمكن من خلالها أن نبني لبنان، وتؤدي إلى التحقيقات القضائية السليمة. من جهة أخرى، من المستحيل أن تحصل عقوبات محلية (داخلية)، فنحن لسنا ذاهبين إلى حرب أهلية، وتالياً فإن القضاء اللبناني ليس في مقدوره محاسبة السياسيين اللبنانيين، والحاجة باتت ماسّة للعقوبات الدولية بغية تجميد الأموال وبناء لبنان على أسس متينة».

x

‎قد يُعجبك أيضاً

المخاطر تحيط باليورو قبل صدور بيانات اقتصادية هامة

تحليل الأسواق لليوم عن دانيال تقي الدين، الرئيس التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ...

اليورو يتراجع رغم أعلى مستويات الثقة في ألمانيا منذ عشرة أشهر

تحليل لليوم عن سامر حسن، محلل أسواق وعضو قسم أبحاث السوق في الشرق الأوسط في ...

علي العبد الله في اختتام “معرض الورق والمناديل وان شو” في أبو ظبي:

صناعة الورق والمناديل العربية تنافس عالميًا قال رئيس “مجموعة أماكو” علي العبد الله إن صناعة ...