208 محامية ومحام متدرجون أقسموا اليمين في قصر العدل في بيروت

جرى ظهر يوم السبت في ٢٠٢١/١٠/٢ حفل قسم يمين ٣٠٨ محامية ومحامٍ متدرج(ة) وذلك في قاعة “الخطى الضائعة” في قصر العدل في بيروت.

تخلّل الإحتفال كلمات لكلّ من الرئيس الأوّل لمحكمة الإستئناف في بيروت القاضي حبيب رزق الله ونقيب المحامين في بيروت الدكتور ملحم خلف ومقرّر التدرج في النقابة عضو مجلس نقابة المحامين في بيروت الأستاذ عماد مرتينوس وطليع الدورة المحامي المتدرج رازي أمان الدين.

قدّمت الإحتفال المحامية الأستاذة ناي الهاشم.

3

وفي كلمته الحرفية، قال نقيب المحامين في بيروت ملحم خلف:

أيّها اللبنانيّات واللبنانيُّون،

إلى كلّ من يسأل أين نقابة المحامين في بيروت، فليعلم الجميع، وخصوصًا المستفهم والسائل بمكرٍ وخُبث، قبل الطيّب السريرة والقلب والعقل، المجرم قبل البريء، القاتل قبل القتيل، أنّنا باقون هنا في الصفّ الأول، في حصن الدفاع الأخير عن الحرية والحق والعدل والقانون، ولو تساقط الكلّ على الطريق، وبقينا وحدنا في هذه المعركة الوجودية.

هنا باقون، فإمّا نموت في السّاح بشرف وكرامة، وإما تنتصر الحقيقة، ونحيا جميعنا بها، وتحت سقفها، وينتصر بها لبنان!

بيننا وبين الطغاة والاستبداديين والفاسدين والسارقين ومغتصبي القانون والقتلة والمجرمين وباعة الوطن، معركةٌ واحدةٌ وحيدةٌ ونهائيةٌ، لا رجوع عنها.

من يريد أن يقاتل نقابة المحامين في معركة الخير والوجود هذه، فنحن سلاحنا معروف!

وساحة القتال معروفة!

“المروءات التي عاشت بنا

                             لم تَزل تجري سعيراً في دِمَانا

غذَّت الأحداثُ منّا أنفساً

                             لم يزدها العنفُ إلاّ عنفوانا “

حضرة الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف الصديق القاضي حبيب رزق الله ،

حضرة القاضيين كريستل ملكي وشادي الحجل المحترمَين،

سعادة نقيب المحامين السابق الأستاذ أنطونيو الهاشم،

زميلاتي، زملائي الأحبّاء،

زميلاتي وزملائي المحامين الجدد،

في هذه اللحظة السَنِيَّة،

أقسمتم يمين الولاء لمهنة المحاماة ولاحترام مبادئها وقِيَمِها، قوانينها وأنظمتها.

وفي هذه اللحظة التاريخيّة نفسها،

أَدرِكُوا أنّكم تَنذرون حياتكم لحَمْلِ رسالة المحاماة؛

أَدركُوا مجموعة القِيَم التي تُجسدونها لتنشروها في مجتمعكم وداخل الوطن؛

تجّددون بها ملامح من سبقوكم على دروب مهنة الفرسان والأبطال، والشجعان؛

أَدركوا أيُّ مسؤوليّةٍ جُلّى تتحمّلون؛

أَدركوا أيُّ مجدٍ عظيمٍ أُعطيتم؛

أَدركوا أيُّ شعورٍ بالإباءِ والشموخِ يَنالُكم؛

أَدركوا أيُّ تاريخٍ أثيلٍ تنضَوون إليه.

أنتم قادمون الى أمّ النقابات في لبنان؛

قادمون الى نقابة مختزنة ما يزيد على قرنٍ من النضال دفاعاً عن الحقِّ والحريّة؛

قادمون الى نقابة هي تاريخُ فكرٍ لا يحصره أُفق؛

قادمون الى نقابة هي سجلٌ حافلٌ بالإستبسال في نُصرة الإنسان؛

قادمون الى نقابة هي طموحٌ لا تحدّه غاية؛

قادمون الى نقابة هي عزيمةٌ لا تعوقها عقبة ولا تفوقها قدرة؛

قادمون الى نقابة تُكافح ضدّ مَن يُقَسِّم الوطن ومَن يَستولي على الدولة ومَن يُعرقِل العدالة ومَن يَقمع الحريات ومَن يَنتهك الحقوق ومَن يَسرق الأموال ومَن يَقهَر الناس،

قادمون الى نقابة تُحارب على كلّ الجبهات وعلى كلّ المستويات، لتُنقِذ الوطن والدولة والعدالة والحريات والحقوق والأموال والناس،

قادمون الى نقابة هي رافعة وطن، وهي، اليوم، تبني الوطن من جديد!

أيّها الأحباء،

أَحِبُّوا نِقَابتَكُم حتى العِشق، واعملوا تحت جَناحيها، فَهِيَ الأُمُّ، تتمسّكُونَ بها، تلجأون إليها، تتكئون عليها، في كلّ حين.

إنّ نقابة المحامين-الأُم-تعرف جيداً المصلحة العُليا لأبنائها وتعرف جيداً صونهم من كلّ شرٍّ.

حَذارِ العمل خارج أجنحتها!

حَذارِ التمرّد عليها،

حَذارِ التآمر عليها مع من يُحاول تخوينها أو تقسيمها أو فرزها أو إسقطاها أو تهشيمها،

وما أكثرهم في هذا الزمن البائس!

فإعلموا جيداً أنّ هؤلاء: يسقطون هُم، ولا تسقط نقابة المحامين في بيروت!

أيّها الأعزاء،

تنتسبون الى نقابة المحامين في بيروت، في أحلك حقبة من عمر الوطن، وهذا يزيدنا إعجاباً بكم وتقديراً لشجاعتكم. من يختار مهنة “حمل هموم الناس” في هذه الظروف، يُدرك تماماً أنَّ المحاماة ليست مهنةً وحسب، بل إنَّها رسالةٌ قبل أن تكون مهنة، وأصحاب الرسالات لا يضعفون.

كونوا فخورين إذ أنّ سبب قبول إنتسابكم الى نقابة المحامين في بيروت هو جدارتكم!

جدارتكم، جدارتكم، ولا شيء غير جدارتكم!

سيروا برأسٍ عالٍ وجبينٍ مرفوع وقولوا للعالم أجمع، أنّ نقابة المحامين في بيروت، التي انتسبتم إليها بعد إمتحاناتٍ نموذجية مثالية شفافة نزيهة، قد سقطت على أبوابها كلّ أنواع الواسطات والتدخلات والمحاباة والطائفية والمذهبية والزبائنية والاستنسابية والسلطوية!

إنّي أنتهز هذه المناسبة، لأُحيي كلّ من شارك في مواكبة إمتحانات الدخول، مِن لجانٍ فاحصة ومُصحّحين ومحامين متطوعين في المكننة، الذين عملوا، طيلة الأشهر الماضية، بكثيرٍ من النُّبلِ والجُهدِ والتفاني، فشكراً لكلّ فردٍ منكم.

زميلاتي وزملائي المتدرجين،

يقيني أنّكم أمعنتم في درس المبادئَ والشرائع في قانون تنظيم مهنة المحاماة وأنظمة النقابة، لكن إعلموا جيدّاً أنّكم، منذ هذه اللحظة، وفي كلّ لحظة، ستواجهون إمتحاناً لتلك المبادئ والقِيَم، في حياتكم المهنيّة، في معرضِهَا، كما في حياتكم اليوميّة، وتحصدون ما تزرعون.

لا تخذلوا نقابتكم وكونوا على قدر الثقة الكبيرة التي وُهِبتموها.

إنّي، في هذه المناسبة، التي تؤلف منعطفاً حاسماً في حياتكم، أرى من واجبي أنْ أُعيد على مسامعكم، وفي أجواء المهابة التي يبعثها قصر العدل، بعض ما ينبغي أنْ يجعله المحامي مساراً، وطريقاً، ونبراساً:

تذكّروا، دوماً، أنّ ثمّةَ قضايا تستدعي من المدافعين عنها جرأتَين: جرأةً جسديّة وجرأةً معنويّة.

فَكَمْ من محامٍ دَفَعَ حياته ودَمَه ثمناً لوقفاتٍ له وقولات!

تذكروا، دوماً، الخاطرة التي رصّع بها Molière  جبين المحامين، إذ وصفهم أنّهم لا يسايرون في مسائل الحقّ، ويحسبون التحايل على القانون جريمةً جسيمة…

حذارِ أنْ تتحايلوا على القانون وحذارِ أن تتحايلوا على العدالة وحذارِ أنْ تتحايلوا على القضاء والقضاة!

أُوصيكم، دوماً، بالإعتدال، فهو يعصمكم من الملامات التي يتسبّب بها القدح والبذاءة. تحاشوا في دفاعكم، كلّ انواع التجريح أو التحقير، إذ أنّ المحاماة الحقّة تقتضي بقول كلّ ما يجب، ولا شيء سوى ما يجبُ. وكمْ يصحّ قول أحد كبار مهنتنا المرحوم نقيب المحامين السابق فؤاد الخوري، متوجهاً الى المحامين:

“الكلمة أمضى سلاح. فلتكن كلمتكم حرّة، جَريئة، لا تَكْذُب، لا تُخطِئ، لا تَخْجَل، لا تَجْرَح. فلتكن كلمتكم كلمة البناء والنور”

حافطوا، دوماً، على راحة ضمائركم.

صونوا أنفسكم عن قول كلمة الباطل، وابتعدوا عن الفساد والفاسدين والمُفسدين.

وهنا عليكم واجب التصدي لهم لإجتثاثهم من أيِّ مكانٍ.

تيقنوا، دوماً، أننا نحن والقضاة والمساعدين القضائيين، في سفينة واحدة، ننطلق من مرفأ واحد، ونتجه بإتجاهٍ واحد: اتجاه تحصين القانون، واحترام الحقيقة، وتحقيق العدالة.

قلت، في سفينة واحدة، لأنّ أيّ سقوط، أو غرق، أو إختراق، إنّما هو طعنة لكلّ الجسم القانوني ولمرفق العدالة.

ستدخلون في الغد، الى قصور العدل. ستواجهون الحقيقة الأليمة أنّ لا بيئة سليمة لممارسة رسالتكم.

فكلنا، مع القضاة والمساعدين القضائيين، في الجرح والآلام إخوانُ. وكلّنا في الهمّ واحدٌ، ولا نميّز.

صمموا على الصمود والإستمرار على الرغم من كلّ شيء، ولا تيأسوا.

وكمْ من المداهم، أنْ نُضافر الجهود مع مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل وممثلين عن المساعدين القضائين لننهض بهذه القصور، بشراً وحجراً، على كلّ الأصعدة،.

الناس تبحث عن أملٍ ضاع بضياع العدالة.

كلّنا اليوم، مسؤولون.

من العار، أنْ تُترك الأمور تتهاوى!

أيّها الحفل الكريم،

كيف ننهض بالوطن لهؤلاء الشابات والشباب؟!

كيف نُعطيهم الأمل بغدٍ أفضل؟!

أبهؤلاء الحكّام؟!

أبوجود منظومة فاقدة للشرعية والمشروعية، منظومة متحكمة تأخذ جميع اللبنانيين كرهائن لتستمر في السلطة؟!

أبوجود منظمومة عطّلت عمل القضاء وعرقلت الولوج للعدالة وحوّلت أروقة قصور العدل والمحاكم الى مذبحة لإستقلالية القضاء والى مهزلة الإنحراف في تطبيق القوانين والإستنكاف عن إحقاق الحقوق؟! وتعطيلها القضاء هذا أدّى الى عودة لغة الإنتقام وإستيفاء الحقّ بالذات وشريعة الغاب وعدالة القبائل!؟

فَجّروا العاصمة بيروت وأجساد الأبرياء بأكبر جريمة مُركّبة في تاريخ الوطن، ولم يرف لهم جفن!

يضربون، كلّ يومٍ، مبدأ فصل السلطات بعرض الحائط!

ما هذا الإنفصام؟!

يُنادون،

من جهة،

بإستقلالية القضاء، وبضرورة السير بالتحقيقات في قضية المرفأ حتى النهاية وبضرورة سوق كلّ المُرتكبين أمام العدالة؛

ومن جهة أُخرى،

ماذا يفعلون؟!

يتقاذفون المسؤوليات!

يُحاولون تضليل التحقيقات!

يَطمُسون الحقائق!

يتلطون خلف حصاناتٍ واهية!

يُراهنون مخادعين على الوقت!

يُحاولون بشتى الطرق الملتوية الإفلات من المحاسبة والعقاب!

يطلبون ردّ محقّق عدلي أول لأنّه تجرأ أنْ يُلاحق البعض منهم! للأسف، ينجحون بذلك!

يطلبون ردّ محقّق عدلي ثانٍ لأنّه تجرأ أنْ يُلاحق بعضهم الآخر!

ليتهم يقفون عند هذا الحدّ من الوقاحة!

كمْ هم ساقطون، كمْ هم جاهلون، عندما يُهددون بقتل الجسد!

أيعتقدون فعلاً أنّه بالتصفية الجسدية سيغتالون العدالة؟!

إسمعوني جيداً، إسمعوني جيداً:

إنْ قتلتم الجسد، لن تنالوا من إرادة الناس!

إنْ قتلتم الجسد، لن تنتزعوا إصرارنا على العدالة!

إنْ قتلتم الجسد، لن يصمت صراخنا في ضميركم!

إنْ قتلتم الجسد، سننتصر عليكم ولو بعد حين!

أُنظُروا الى وجوه هؤلاء الضحايا الأبرياء!

نعم، إنّكم تقتلونهم مرّتين!

أحبائي،

إنّ قسم يمين المحامي يُرتّب علينا موجب النضال حتى النهاية تحقيقاً للعدالة لهؤلاء!

واليوم، نقف لنُجدّد القسم معكم،

لنقسم بالله وبشرفنا،

لأعزائنا وأهلنا أهالي الضحايا ولكلّ اللبنانييِّن،

أنّنا-نحن في نقابة المحامين في بيروت وأعضاء مكتب الإدعاء فيها-

لن نترك المرتكبين ينالون من مسار العدالة!

سنلاحقهم أينما وُجدوا وتواجدوا!

كلّنا اليوم، متّحدون في وجههم،

ونحن نلجأ وسنلجأ الى كلّ الوسائل في لبنان وفي كلّ دول العالم،

أمام القضاء اللبناني وأمام القضاء الأجنبيّ،

لسوقهم أمام العدالة، ليُحاكموا ويُعاقبوا!

إنظروا الى وجوهنا يا قتلة!

نعم، لن نترككم تقتلون هؤلاء الأبرياء مرة ثانية!

نعم، سـتُحاسبون!

نعم، ستُعاقبون!

إطمئنوا أيّها الناس!

ولى زمن التفلت من المحاسبة وحماية المرتكبين والفاسدين!

ولى زمن الترهيب والتخويف والتهويل!

ونعدُكم أنّ زمن عدم أستقلالية القضاء والقضاة وزمن الديكتاتورياة، سيرحل!

يبقى رهاننا الأكبر اليوم،

على القضاة الشجعان الشرفاء الذي يؤدون رسالتهم بأبهى صورة لها؛

ورهانُنا الأكيد عليكم أيّها المحامون المتدرجون الجدد مع رفاقكم سائر المحامين، لأنّنا جميعاً:

لن نسكت!

لن نخاف!

لن نرضخ!

لن نستسلم!

لن نضعف!

مستمرون في رسالتنا،

وفي حماية الناس،

وفي نضالنا لإسترداد الدولة وإنقاذ الوطن!

والسلام

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مشاركة فاعلة لجمعية الصناعيين في معرض “هوريكا”

شاركت جمعية الصناعيين اللبنانيين برئاسة سليم الزعني، بشكل فاعل في الملتقى السنوي لصناعتي الضيافة والخدمات ...

أسواق الأسهم الخليجية تتراجع أمام التوترات الجيوسياسية وتراجع أسعار النفط

تحليل السوق التالي عن ايهم سلاح، خبير مالي ١٩ ابريل ٢٠٢٤ أغلقت أسهم دول مجلس ...

العملات المشفرة تدخل يوم التنصيف بأداء باهت مع المعنويات الضعيفة

تحليل لليوم عن سامر حسن، محلل أسواق وعضو قسم أبحاث السوق في الشرق الأوسط في ...