خمسة اتجاهات رئيسية تشكل معالم اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام 2023 حيث تتفادى المنطقة التباطؤ العالمي السائد

  • من المتوقّع أن تتغلب دول مجلس التعاون الخليجي على الركود العالمي وفقًا لتحليل بي دبليو سي الشرق الأوسط، وأن تسجّل اقتصاداتها نموًا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.6% خلال العام 2023.
  • تشمل المحاور الاقتصادية الأخرى للعام 2023 انتعاش الاقتصاد غير النفطي، والتحسّن المتوقع في مستويات السيولة، وتكثيف الجهود لتعزيز الاقتصاد الأخضر وتوطين القوى العاملة في القطاع الخاص.
  • رفع التصنيف الائتماني السيادي لدول مجلس التعاون بعد سنوات من تخفيضه.

على الرغم من النمو الضعيف واحتمالات الركود المتوقّعة للاقتصاد العالمي، إضافةً إلى الضغوطات التي تطرحها معدلات التضخّم المرتفعة، إلا أنه من المتوقّعأن تتغلّب اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي على هذا التباطؤ العالمي وفقًا للإصدار الأخير من النشرة الإقتصادية لبي دبليو سي الشرق الأوسط للربع الأول من العام 2023.

وفي ظلّ الاستمرار المتوقّع لأسعار النفط القوية، ومعدلات التضخّم المنخفضة نسبيًا والفائض المالي وبرامج التحوّل الإيجابية، فإن آفاق نمو منطقة دول مجلس التعاون تبدو – بلا شك – إيجابية خلال العام 2023. وقد حدّدت بي دبليو سي الشرق الاوسط  خمسة محاور اقتصادية رئيسية ستؤثر في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام 2023 على مدوّنتها.

أولًا، ستتمكّن منطقة دول المجلس التعاون الخليجي من تفادي الركود العالمي الذي من المتوقّع أن يؤثر على ثلث اقتصادات العالم.ومن المتوقّع للنمو العالمي أن ينخفض إلى 2.7%. بينما التوقعات المرتبطة بدول مجلس التعاون للعام 2023 أظهرت مؤشرات أكثر إيجابية مع توقع معدلات نمو في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 3.6%، وفقًا لصندوق النقد الدولي. ويساهم الارتفاع المتواصل في أسعار النفط التي من المتوقّع أن تستقر عند 75-96 دولار أمريكي للبرميل في العام 2023، إلى جانب الفوائض المالية القوية للمرة الأولى منذ العام 2014، في النمو الاقتصادي القوي المتوقّع للمنطقة. وتتجلى هذه الثقة أيضًا لدى وكالات التصنيف الائتماني إذ تمّت إعادة النظر في العديد من التصنيفات الائتمانية عبر دول المجلس بعد سنوات من التخفيض، وذلك في ضوء الازدهار في أسعار النفط.

ثانيًا، انتعاش الاقتصاد غير النفطي حيث حافظ مؤشر مديري المشتريات على مستويات جيّدة في القطاعات غير النفطية في مختلف أنحاء المنطقة، ومن المتوقّع أن يستمر هذا الزخم خلال العام 2023 لا سيما أن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تواصل العمل على تنويع اقتصاداتها. ويُعزى ذلك إلى الرؤى الوطنية، والاستراتيجيات الصناعية والعديد من المبادرات الصناعية عبر المنطقة التي ستعزز آفاق النمو. فعلى سبيل المثال، تقوم المملكة العربية السعودية باستثمارات هائلة في السياحة غير الدينية، فيما تسعى الاستراتيجية الوطنية للسياحة 2031 في دولة الإمارات ورؤية عُمان 2040 إلى ترسيخ مكانة المنطقة كوجهة اقتصادية رائدة عالميًا.

ثالثًا، فرضت السرعة غير المسبوقة في رفع الاحتياطي الفيدرالي لمعدّلات الفائدة، والتي انعكست إلى حدّ كبير في دول مجلس التعاون الخليجي، ضغوطًا كبيرة على السيولة في السوق. ولكن من المتوقّع أن تكون هذه المسألة مؤقتة إذ إن ظروف السيولة ستتحسّن بفضل الخطوات التصحيحية في العام 2023 فيما تتأقلم الدول مع بيئة السياسات النقدية الأكثر صرامة.

كما سنشهد تسارعًا في وتيرة الجهود المبذولة لتحويل اقتصادات دول مجلس التعاون إلى اقتصادات خضراء هذا العام، إذ سيتم تقييم التقدّم الجماعي لهذه الدول في تحقيق مستهدفات اتفاقية باريس كجزء من التقييم العالمي. كما أن الزخم الذي انطلق عقب مؤتمر الأطراف (COP27) الذي انعقد في مصر سيزداد في المنطقة فيما تستعد دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف (COP28). كما إننا نتوقّع رؤية المزيد من الاستثمارات والتدخلات السياسية من أجل رفع حصة مصادر الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء وتعزيز تحويل الاقتصادات إلى اقتصادات خضراء.

ختامًا، إن الجهود الحثيثة لاستقطاب المواهب المحلية ستزداد في ضوء التركيز بشكل أكبر على توطين القوى العاملة في القطاع الخاص، فضلًا عن تعزيز مشاركة المواطنين كجزء من القوى العاملة، لا سيما في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في الأدوار التي تتطلّب مهارات عالية.

وفي تعليق على الإصدار الأخير من نشرة بي دبليو سي الإقتصادية، قال ريتشارد بوكسشال، الشريك وكبير الخبراء الاقتصاديين في بي دبليو سي الشرق الأوسط: “شهد العام 2022 حالة من عدم اليقين على خلفية التوترات الجغرافية السياسية وأزمة الطاقة العالمية والتغييرات الجذرية في سلاسل التوريد والتقلبات في الأسواق المالية، إلا أن اقتصادات دول مجلس التعاون أثبتت قدرتها على الصمود، ومن المتوقع أن تحقق أعلى معدلات نمو لها منذ عشر سنوات مقارنةً بغالبية دول العالم. وفي حين تشير التوقعات إلى احتمال تواصل ارتفاع أسعار النفط، تعمل حكومات دول مجلس التعاون على تنويع اقتصاداتها للوصول إلى فصل النمو عن أسعار النفط”.

من جهته، أضاف ستيفن أندرسون، الشريك والمدير المسؤول في قسم الاستراتيجية والأسواق في منطقة الشرق الأوسط في بي دبليو سي الشرق الأوسط: “تعمل دول مجلس التعاون على إدامة الزخم الذي حققته في الاقتصاد غير النفطي، وذلك من خلال مجموعة من تدخلات السياسات والاستثمارات. وتُعتبر الرؤى الوطنية والاستراتيجيات الاقتصادية والتنموية في قطر، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان أمثلة ممتازة عن الجهود التي تبذلها تلك الدول لتعزيز المساهمة الاقتصادية للقطاعات غير النفطية كالسياحة، والتصدير، والصناعة، والاقتصاد الأخضر. ومع استضافة دبي لمؤتمر الأطراف (COP28) لاحقًا هذا العام، سيشكّل التركيز المتزايد على المنطقة كقوة دافعة لإجراء المزيد من الإصلاحات الخضراء، فيما تسعى المنطقة إلى الحدّ من استهلاكها للطاقة، والاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، وتمكين التمويل المستدام.”

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هل تعود خطة ماكنزي وكتاب نسناس الى الواجهة للنهوض الاقتصادي؟

في الآونة الأخيرة عاد الحديث عن خطة ماكنزي الى الواجهة إذ يتم التداول حاليا بتنفيذ ...

رابط إلكتروني بين مصرف الإسكان ومديرية الشؤون العقارية في وزارة المال

زار رئيس مجلس الإدارة المدير العام لمصرف الإسكان أنطوان حبيب وزير المال في حكومة تصريف ...

نقْش القرآن الكريم كاملاً على البتكوين للمرّة الأولى على الإطلاق

– مشروع “القرآن على البتكوين” يحقق إنجازاً تاريخياً بنقْش القرآن الكريم رقمياً على البتكوين لأول ...