هل تصمد أسعار النفط مع تصاعد التوترات الجيوسياسية ومخاوف تباطؤ الاقتصاد العالمي؟

تحليل سوق لليوم عن رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com

٢٤ سبتمبر ٢٠٢٤

تواصل أسعار النفط الخام (WTI) تقلباتها ضمن نطاق تداول عرضي ضيق، حيث تتأرجح أعلى بقليل من منتصف 71.00 دولار للبرميل. وعلى الرغم من تسجيلها لأعلى مستوى في ثلاثة أسابيع تقريبًا، إلا أن الأسواق لم تشهد انفراجًا كبيرًا ويعود السبب في ذلك من وجهة نظري لتأثير العديد من العوامل التي تحيط بسوق الطاقة العالمي. ويبدو أن التوترات الجيوسياسية والمخاوف المتعلقة بتباطؤ الاقتصاد العالمي تلعب دورًا رئيسيًا في تحديد اتجاهات الأسعار.

فقد شهدت منطقة الشرق الأوسط توترات متزايدة مع استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية على مواقع حزب الله في لبنان. وهذه التطورات لا تقتصر على تأثيرها المباشر على الصراع القائم بين الأطراف المعنية، بل تثير مخاوف أوسع حول استقرار المنطقة بأكملها. والشرق الأوسط يعتبر منطقة رئيسية لإنتاج النفط، وأي تصعيد في الصراع قد يؤدي إلى تعطيل الإمدادات، مما سيؤثر بشكل مباشر على الأسعار العالمية. في هذا السياق، أرى أن استمرار هذه التوترات يعزز احتمالات حدوث صدمات في العرض، ما يجعل السوق أكثر عرضة للتقلبات السعرية العنيفة.

إلى جانب ذلك، فإن المخاوف من تأثر الإنتاج النفطي في الولايات المتحدة بفعل العواصف الاستوائية المتوقعة تزيد من حالة عدم اليقين، ما يدعم بدوره ارتفاع الأسعار على المدى القصير. ويمكن القول إن مزيج التوترات الجيوسياسية والعوامل المناخية يخلق بيئة غير مستقرة لأسواق النفط.

أيضاً تأتي بيانات مؤشر مديري المشتريات الأميركية كعامل آخر لدعم أسعار النفط. فارتفاع المؤشر الأميركي بنسبة 0.50% خلال جلسة التداول الأميركية يعد إشارة إيجابية، حيث يعكس تحسن النشاط الاقتصادي وزيادة الطلب على السلع الأساسية بما في ذلك النفط. وفي المقابل، شهدت أوروبا تراجعًا حادًا في النشاط الاقتصادي وفقًا لبيانات مؤشر مديري المشتريات، وهو ما قد يعني انخفاض الطلب على النفط في المنطقة.

ومن وجهة نظري، يظهر هنا اختلاف واضح بين الاقتصادات الكبرى، حيث يبدو أن الولايات المتحدة تتجه نحو تحسن اقتصادي نسبي، بينما تواجه أوروبا تحديات متزايدة. وهذا الاختلاف في الأداء الاقتصادي يؤثر بشكل مباشر في الطلب العالمي على النفط، مما قد يؤدي إلى تضارب في توقعات الأسعار في الفترة المقبلة.

ومن العوامل الأخرى التي تدعم ارتفاع أسعار النفط هو الانخفاض الملحوظ في كمية النفط الخام العالمية المخزنة على متن الناقلات. حيث تراجعت كمية النفط المخزن لمدة سبعة أيام على الأقل بنسبة 12%، لتصل إلى 56.31 مليون برميل. وهذا التراجع برأيي يعكس ارتفاع الطلب على النفط وتراجع المعروض المتاح في الأسواق العالمية.

ومن وجهة نظري، هذه البيانات تعزز توقعات ارتفاع الأسعار على المدى القصير، حيث إن انخفاض المخزونات يعد مؤشرًا على أن السوق قد يشهد نقصًا في الإمدادات، خاصة في ظل المخاوف الجيوسياسية الحالية. ومع ذلك، يمنني الاشارة إلى أن استمرار هذا الاتجاه سيعتمد بشكل كبير على تطورات الوضع في الشرق الأوسط وعلى القرارات التي قد تتخذها منظمة أوبك+ في الفترة المقبلة.

وتأتي هذه العوامل تزامناً مع المحاولات المحمومة للدولار الأميركي ليستفيد من ارتداده الأخير بعد خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي. ومع توقعات بمزيد من التيسير النقدي، يمكن القول إن ضعف الدولار الأميركي يدعم الطلب على السلع الأساسية المقومة بالدولار مثل النفط، مما يعزز أسعار النفط الخام. بالإضافة إلى ذلك، جاءت بيانات مؤشر مديري المشتريات الأميركي أكثر مرونة مقارنة بمثيلاتها في أوروبا والمملكة المتحدة، مما يزيد من جاذبية النفط في السوق الأميركي.

لكنني أفضل الرؤية الحذرة تجاه استمرار هذا الاتجاه الصعودي. فأنا أعتقد أنه وعلى الرغم من أن الظروف الحالية قد تدعم ارتفاع أسعار النفط، إلا أن التوقعات الاقتصادية العالمية الضبابية، وخاصة تلك المتعلقة بالصين وهي أكبر مستورد للنفط في العالم قد تشكل ضغوطًا هبوطية قوية على الأسعار.

وفي النهاية، لدي تفاؤل نسبي فيما يتعلق بارتفاع أسعار النفط على المدى القصير، مدعومًا بالتوترات الجيوسياسية وانخفاض المخزونات. ومع ذلك، أحذر من أن الاتجاه الصعودي قد يكون محدودًا بسبب المخاوف المتعلقة بتباطؤ الاقتصاد العالمي، خاصة في أوروبا والصين. ولهذا السبب، يجب الحذر قبل اتخاذ مراكز جديدة طويلة ومتوسطة الأمد على ارتفاع الأسعار.

ومن المهم جداً متابعة تصريحات أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة ومؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة للحصول على إشارات أكثر وضوحًا حول مسار السياسة النقدية وتأثيرها على سوق النفط.حيث يمكن أن تبقى أسعار النفط تحت ضغط متزايد من كل من التوترات الجيوسياسية والمخاوف الاقتصادية العالمية، مما يجعل من الصعب التنبؤ بمسارها بدقة في المدى المتوسط والبعيد.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

اتفاقية شراكة بين الشبكة العربية للإبداع والابتكار والمجلس الإنمائي العربي للمرأة والأعمال في دبي

دبي – وقعت الشبكة العربية للإبداع والابتكار اتفاقية شراكة مع المجلس الإنمائي العربي للمرأة والأعمال ...

شركة الخطوط الجوية AJet تعمل على توسيع شبكة خطوطها برحلات جوية جديدة إلى المملكة العربية السعودية ومصر سعيًا منها للعمل بين وجهات رئيسية

في إطار النمو السريع الذي تشهده الشركة بعد موسم صيف 2024، أعلنت شركة الخطوط الجوية ...

باناسونيك تطلق كاميرا استوديو ومحوّل ألياف حديث للارتقاء بمعايير قطاع إنتاج الفعاليات الحية

كاميرا AK-UCX100 الجديدة توفر مرونة فائقة وجودة عالية في عمليات الإنتاج القائمة على بروتوكول الإنترنت ...