توقعات الدولار/الين (USDJPY) : هل تبدأ رحلة الهبوط مع إشارات الفيدرالي وتراجع البيانات الأمريكية؟

كُتب بواسطة: رانيا جول ، كبير محللي الأسواق في XS.com- منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA)

سجل الين الياباني مكاسب ملحوظة أمام الدولار الأمريكي مؤخراً، مستفيدًا من سلسلة عوامل اقتصادية وسوقية ضغطت بشكل كبير على أداء الدولار. والانخفاض المستمر في زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني لا يمكن تفسيره كتحرك فني مؤقت أو تصحيح بسيط، بل هو انعكاس لتحول أعمق في المعنويات والأساسيات الاقتصادية. لذا، أرى أن السوق بدأ في تسعير سيناريو جديد يعكس ضعف ميزة الدولار المرتبطة بالعوائد والفروق النسبية في السياسات النقدية.

والتراجع بنسبة 0.68% في زوج الدولار/ين عند مستوى 145.17 يعكس موجة عزوف واضحة عن المخاطرة، مدفوعة بتراجع ثقة المستثمرين في استمرارية الزخم للاقتصادي الأمريكي. فالبيانات الاقتصادية التي صدرت يوم الخميس كشفت بوضوح عن علامات ضعف بدأت تتسرب إلى الاقتصاد. فمبيعات التجزئة التي ارتفعت بنسبة 0.1% فقط، رغم أنها تجاوزت التوقعات، جاءت دون المستوى المطلوب للحفاظ على زخم الاستهلاك، الذي يُعد العمود الفقري للنمو في الولايات المتحدة. والأسوأ من ذلك، أن مؤشر أسعار المنتجين انخفض بنسبة 0.5% على أساس شهري، في إشارة إلى تباطؤ التضخم بشكل قد يضع الاحتياطي الفيدرالي في موقف يتطلب مراجعة سريعة لتوجهاته المستقبلية.

وفي رأيي، الرسائل الحمائمية التي حملها خطاب جيروم باول كانت نقطة التحول الأساسية لهذا الأسبوع. فتلميح رئيس الفيدرالي بأن التضخم يتطور “بشكل أكثر إيجابية” يعني ضمنًا أن دورة التشديد النقدي قد تكون وصلت إلى نهايتها، بل وأن الباب قد يُفتح قريبًا أمام خفض أسعار الفائدة. وهذا التحول ليس هامشيًا، بل يُعيد تشكيل توقعات السوق بالكامل، ويدفع المتداولين إلى إعادة تسعير الأصول بطرق تعزز من قوة الين وتُضعف الدولار.

ومن منظور العوائد، نرى بالفعل نتائج هذه التحولات تنعكس على سوق السندات، حيث تراجع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.45%. وهذا الانخفاض في العائدات يُفقد الدولار ميزته النسبية كأصل يولّد عوائد مرتفعة، ويعزز من جاذبية الين كملاذ آمن، لا سيما في ظل تصاعد مؤشرات العزوف عن المخاطرة على الساحة العالمية. وبرأيي، أؤكد أن هذا الانكماش في فارق العائد بين العملتين يُعد عنصرًا حاسمًا في توجيه التدفقات النقدية وتعديل المراكز المفتوحة في الأسواق.

ويتوجه التركيز الآن إلى بيانات الناتج المحلي الإجمالي الياباني للربع الأول، والتي من المقرر صدورها قريبًا. ورغم أن التوقعات تشير إلى انكماش طفيف بنسبة 0.1%، فإن أي مفاجأة إيجابية قد تُعمّق من الضغوط الهبوطية على زوج الدولار/ين. فإذا جاءت القراءة أقوى من المتوقع، فإنها قد تُفسّر على أنها دعم غير مباشر لبنك اليابان في الحفاظ على موقف أقل تحفيزًا، وربما تُعزز من احتمالات تطبيع السياسة النقدية في مرحلة لاحقة من العام. وفي هذه الحالة، لن يكون لدى الدولار الأمريكي الكثير من الحماية أمام زخم بيع قوي.

ومن جهة نظري التحليلية التي تستند إلى مؤشرات الزخم والتغيرات الهيكلية في توقعات السوق. فالحركة الحالية في زوج الدولار/ين لا تبدو عابرة، بل تمثل بداية لموجة تصحيح أوسع قد تستهدف مستويات دعم مهمة دون 145، وربما نحو 143.50 على المدى القريب إذا استمرت البيانات الأمريكية في التدهور، وظلت نبرة الفيدرالي تميل إلى الليونة. ومع دخول اليابان على خط التأثير في حركة الزوج عبر بيانات النمو، فإن التوازن يميل أكثر لصالح الين، خصوصًا في بيئة يغلب عليها التوتر الجيوسياسي وعدم اليقين الاقتصادي.

وبناءً على ما سبق، أعتقد أن المسار الأقرب للتحقق هو استمرار التراجع في زوج الدولار/ين، مع احتمال تصحيحات طفيفة على المدى القصير ضمن نطاقات فنية. وسيناريو العودة إلى ما فوق 147 لن يكون مرجّحًا إلا في حال عادت عوائد السندات الأمريكية للارتفاع أو فاجأت بيانات الاقتصاد الأمريكي بقوة غير متوقعة. وحتى ذلك الحين، يبقى الين هو المستفيد الأول من تحوّل المزاج العالمي، والتغير التدريجي في توجهات السياسات النقدية.

التحليل الفني لـ الدولار/الين ( USDJPY ):

يعكس الرسم البياني لزوج الدولار الأمريكي/الين الياباني (USD/JPY) ضغوطًا فنية واضحة بعد كسر السعر لمنطقة دعم قوية مهمة قرب مستوى 146.10، مترافقًا مع اختبار فاشل للعودة أعلى المتوسط المتحرك ومستوى المقاومة الثانوية 145.88. وهذا الفشل يعكس ضعف الزخم الصاعد وتأكيد دخول السعر في قناة هابطة فرعية ضمن الاتجاه العام، مما يعزز من احتمالية استمرار الهبوط خلال الجلسات القادمة، خاصة مع تزايد التدفقات نحو أصول الملاذ الآمن، وتراجع شهية المخاطرة عالميًا.

USDJPY 16.05.2025

والمؤشرات الفنية تدعم هذا السيناريو، إذ يُظهر مؤشر الستوكاستيك تقاطعًا سلبيًا في المنطقة السفلية، مع استمرار السعر في التداول أسفل خط الاتجاه الصاعد الفرعي المكسور، مما يؤكد هيمنة الضغوط البيعية على الزوج. والسيناريو الفني الأقرب حاليًا هو استهداف منطقة الدعم التالية قرب 144.55، وفي حال كُسر هذا المستوى بإغلاق يومي واضح، فقد نرى امتدادًا للحركة نحو 143.00، وهو مستوى محوري يعكس قاعدة دعم هيكلية تداخلت معها قمم وقيعان سابقة.

ومن جهة أخرى، فإن أي ارتداد صعودي محتمل سيبقى محدودًا ما لم يتمكن السعر من العودة أعلى 146.10 على الأقل، واستعادة المتوسط المتحرك المكسور. ويُشترط لتغير النظرة السلبية حدوث اختراق واضح فوق 147.30 مع زخم شرائي حقيقي مدعوم ببيانات قوية أو تحوّل مفاجئ في موقف الفيدرالي. وحتى حدوث ذلك، تبقى السيطرة للبائعين على المدى القصير إلى المتوسط، ويُفضّل مراقبة أي كسر لمستوى 144.55 كإشارة تأكيد لاستمرار الاتجاه الهابط.

مستويات الدعم: 144.55، 143.00، 141.80

مستويات المقاومة:  146.10، 147.30، 148.63

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أسواق الأسهم الخليجية تواصل زخمها الصعودي

تحليل الأسواق لليوم عن جوزف ضاهرية، كبير استراتيجيي الاسواق في TickMill تداولت معظم أسواق الأسهم ...

الذهب ما بين التفاؤل التجاري والمخاوف الكامنة حول الاقتصاد الأمريكي

بقلم سامر حسن، محلل أسواق أول في XS.com يتراجع الذهب للجلسة الثانية على التوالي فيما يبقى ...

الدولار ينتعش متداولا قرب أدنى مستوياته في سنوات وسط ترقبات الأسواق للفيدرالي والتوترات التجارية

تحليل الأسواق لليوم عن أسامة الصيفي، المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في Traze  سجل ...