توقعات حركة GBP/USD: هل يقود مزاج المخاطرة الزوج نحو المزيد من المكاسب؟

كُتب بواسطة: رانيا جول ، كبير محللي الأسواق في XS.com – منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) 

واصل زوج الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي مساره الصاعد للجلسة الثالثة على التوالي، متداولًا قرب مستوى 1.3570 في تداولاته الأخيرة، وهو مستوى يدنو من أعلى قمة له خلال 39 شهرًا عند 1.3593. وهذا الأداء القوي للجنيه يعبّر عن استمرار ثقة الأسواق في العملة البريطانية، مدفوعًا بمجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية التي ساهمت في تراجع الدولار الأمريكي، وهو ما يعكس بوضوح تحولًا في مزاج المستثمرين نحو الأصول ذات العائد الأعلى في بيئة تتسم بميل أكبر للمخاطرة.

وفي رأيي، فإن التراجع في أداء الدولار الأمريكي ليس مجرد حركة فنية مؤقتة، بل يتغذى على عوامل أساسية تتعلق بتدهور ثقة الأسواق في قدرة الحكومة الأمريكية على احتواء أزمة الدين المتفاقمة. كما أن الخطوة الأخيرة من جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتمديد الموعد النهائي لفرض الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي حتى يوليو، ساهمت في تقليص حالة التوتر التجاري، مما جعل المستثمرين يميلون إلى تقليص مراكزهم على الدولار الأمريكي، الذي يُعد تقليديًا ملاذًا آمنًا.

ورغم ذلك، شهدنا خلال تداولات أواخر الجلسة الأمريكية أمس بعض التراجع في زوج GBP/USD ليهبط إلى مستوى 1.3560، نتيجة استعادة الدولار لبعض الزخم. لكن في رأيي، هذا التراجع لا يُمثل سوى جني أرباح طبيعي بعد ارتفاعات متتالية، خصوصًا أن حجم التداول كان ضعيفًا بسبب العطلات. وعند النظر إلى مؤشر الدولار الأمريكيDXY، نرى أنه استقر قرب 99.00 بعد أن كان عند أدنى مستوياته في أربعة أسابيع، مما يعكس محاولة فنية لتعافي العملة الخضراء، وليس تحولًا جذريًا في الاتجاه العام.

ومن المهم هنا الإشارة إلى أن مشهد السياسة النقدية في الولايات المتحدة لا يزال ضبابيًا، فبينما تتزايد التوقعات بإبقاء الفيدرالي على معدلات الفائدة الحالية لفترة أطول، فإن أي مفاجأة في بيانات التضخم أو محضر اجتماع الفيدرالي هذا الأسبوع قد تُحدث تقلبات كبيرة في الأسواق. وفي المقابل، أرى أن بنك إنجلترا لا يملك مساحة كبيرة للتحرك، خاصة مع استمرار الضغوط التضخمية، مما يُقلص فرص خفض الفائدة في الأجل القريب.

والدعم الذي يتلقاه الجنيه من البيانات الاقتصادية البريطانية الأخيرة لا يمكن تجاهله. مبيعات التجزئة ارتفعت بنسبة 1.2% في أبريل، وهذا هو الارتفاع الرابع على التوالي، في مؤشر واضح على صمود المستهلك البريطاني رغم التحديات الاقتصادية. وفي تحليلي، هذا الأداء يعكس متانة الطلب المحلي ويعزز ثقة المستثمرين في الجنيه الإسترليني، إذ يُعتبر القطاع الاستهلاكي شريانًا رئيسيًا لنمو الاقتصاد البريطاني.

ولا تقل بيانات التضخم أهمية عن ذلك، حيث تسارع المعدل السنوي إلى 3.5%، متجاوزًا توقعات السوق، مع ارتفاع المؤشر الأساسي إلى 3.8%. هذه الأرقام تُبقي بنك إنجلترا في موقف حرج، حيث يصبح من الصعب تبرير أي خطوة نحو التيسير النقدي. ومن وجهة نظري، استمرار هذا الزخم التضخمي سيدفع البنك المركزي إلى الإبقاء على سياسته دون تغيير لفترة أطول مما كان متوقعًا سابقًا، ما قد يصب في صالح الجنيه.

ومع عدم وجود بيانات اقتصادية كبيرة من المملكة المتحدة هذا الأسبوع، فإن السوق سيركز على التصريحات المنتظرة من مسؤولي بنك إنجلترا، وتحديدًا خطاب هيو بيل، كبير الاقتصاديين في البنك، والذي قد يُلقي الضوء على مدى استعداد البنك للتعامل مع الضغوط التضخمية. وهذه التصريحات قد تلعب دورًا محوريًا في توجيه توقعات السوق على المدى القصير.

في المقابل، يبدو المشهد الأمريكي مزدحمًا بالأحداث. ومن وجهة نظري، فإن محضر اجتماع الفيدرالي ومؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي سيحملان مفاتيح مهمة لفهم توجهات السياسة النقدية الأمريكية في الفترة المقبلة. وإن جاءت البيانات دون التوقعات، فقد يدفع ذلك السوق لمراجعة رهاناته على تشديد السياسة، مما قد يُضعف الدولار أكثر ويدفع زوجGBP/USD لاختبار مقاومات أعلى.

وبناءً على كل ما سبق، أرى أن الاتجاه الصاعد لزوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي لا يزال قائمًا، بشرط بقاء الزوج أعلى مستوى الدعم 1.3550 وعدم كسر القناة الصاعدة التي التزم بها طوال الأسابيع الماضية. وأي اختراق لمستوى 1.3593 قد يدعم الصعود نحو 1.3700، لا سيما في ظل غياب إشارات واضحة على تشديد السياسة النقدية الأمريكية في الوقت الحالي.

وفي الختام، فإن مزاج المخاطرة المسيطر على الأسواق، إلى جانب قوة البيانات البريطانية والضبابية التي تحيط بالاقتصاد الأمريكي، كلها عوامل ترجح استمرار الزخم الإيجابي للجنيه الإسترليني مقابل الدولار، على الأقل في المدى القصير. ومن منظور فني وأساسي، أُبقي على رؤيتي الإيجابية للزوج، مع مراقبة حذرة للتطورات الأمريكية التي قد تُغير من معادلة الاتجاه لاحقًا.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

Bybit تعتمد خطة أمنية شاملة لحماية مصالح متداولي العملات الرقمية بعد اختراق تاريخي بمليار دولار

تواصل Bybit، ثاني أكبر منصات تداول العملات الرقمية حول العالم من حيث حجم التداول، كتابة ...

مجلس جديد لنقابة المستشفيات في لبنان برئاسة البروفسور بيار يارد

بتاريخ 12/ 6/ 2025، انتخبت الهيئة العامة لنقابة المستشفيات في لبنان هيئة مكتب جديدة على ...

فريق الشؤون القانونية في غلوب مد يحرز جائزة Legal Tech Innovation المرموقة لعام 2025 من Lexzur

كُرّمت مجموعة غلوب مد، مجموعة الشركات الرائدة في إدارة مطالبات التأمين الصحي في الشرق الأوسط ...