بقلم سامر حسن، محلل أسواق أول في XS.com
يحافظ الذهب على استقراره بالقرب من مستوياته القياسية، متداولاً حول 3,550 دولاراً في الساعات الباكرة من التعاملات اليوم.
فبعد موجة صعود حادة خلال الأيام الماضية، بدأ المعدن في التماسك مع محاولة المستثمرين الموازنة بين المخاطر الاقتصادية وحالة عدم اليقين السياسي.
فيما القوة الأخيرة في أسعار الذهب تعود بدرجة أكبر إلى المخاوف المتعلقة بالاستقرار الاقتصادي أكثر من ارتباطها المباشر بتوقعات خفض الفائدة، في حين تدعم عمليات البيع في السندات طويلة الأجل هذه الرؤية. فبحسب CME FedWatch، لا تزال احتمالات خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بأكثر من 50 نقطة أساس بحلول نهاية العام دون مستوى 50%، إلا أن تحركات سوق السندات تعكس واقعاً مختلفاً.
فقد أبرزت موجة البيع العالمية في السندات طويلة الأجل مخاوف أعمق بشأن التضخم الجامح واتساع العجز الحكومي وتزايد المخاطر السياسية. هذه العوامل دفعت العوائد إلى مستويات هي الأعلى منذ عقود، ما زاد المخاوف من أن تؤدي الأوضاع المالية الأكثر تشدداً إلى إنهاك ميزانيات الأسر والشركات والحكومات على حد سواء.
وبحسب بلومبرغ، استقرت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 30 عاماً حول 5% في مطلع سبتمبر، وهو مستوى لم يُسجَّل منذ يوليو. أما السندات اليابانية لأجل 20 عاماً فقد بلغت أعلى مستوياتها منذ 1999، في حين قفزت عوائد السندات البريطانية من ذات الأجل إلى مستويات شوهدت آخر مرة في 1998. كما تشير بيانات بلومبرغ إلى أن شهر سبتمبر عادة ما يكون ضعيفاً بالنسبة للسندات طويلة الأجل، إذ تكبدت الديون الحكومية لأكثر من 10 سنوات خسارة متوسطة بلغت 2% مع عودة المتعاملين من عطلة الصيف وإعادة موازنة محافظهم. هذا التداخل بين الضغوط المالية الهيكلية والعوامل الموسمية عمّق من موجة البيع، ما ساهم في تعزيز مكاسب الذهب في نهاية المطاف.
وتعكس هذه الاضطرابات في أسواق السندات العالمية أن ارتفاع الذهب يرتبط بدرجة أقل بتوقعات السياسة النقدية للفيدرالي، وأكثر بتدهور النظرة المستقبلية للاقتصاد العالمي. وإلى جانب هذه الضغوط الاقتصادية، تأتي الضغوط السياسية التي تزيد من حالة عدم اليقين بشأن مسار السياسة النقدية.
فقد ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن مساعي الرئيس ترامب لإقالة الحاكمة ليزا كوك بالتوازي مع الدفع بستيفن ميران إلى مجلس الاحتياطي الفيدرالي أثارت قلق الأسواق قبل اجتماع سبتمبر. وإذا ما تم تثبيت ميران في منصبه بينما يبقى مرتبطاً بالبيت الأبيض، فسيُعتبر ذلك طمساً غير اعتيادي للحدود بين استقلالية البنك المركزي والسلطة السياسية. مثل هذه التطورات تغذي المخاوف من أن يتعرض الفيدرالي لضغوط سياسية لتنفيذ الخفض الذي يطالب به ترامب، ما يهدد مصداقية المؤسسة في وقت تحتاج فيه الأسواق إلى أكبر قدر من الاستقرار.
تتسم المرحلة الراهنة بمفارقة واضحة: العوائد التاريخية المرتفعة على الأصول الأكثر أماناً في العالم لم تُفلح في كبح الطلب على المعادن غير مدرة العائد، وهو أمر مدفوع بتصاعد المخاوف على جبهات متعددة. ومن ثم فإن استقرار المعدن النفيس بالقرب من مستوياته القياسية يعكس بدرجة أكبر القلق المتزايد من دخول الأسواق العالمية مرحلة أكثر تقلباً وعدم استقرار، لا مجرد رهانات على خفض بات حتمياً في سبتمبر
الدورة الإقتصادية الدورة الإقتصادية