بقلم سامر حسن، محلل أسواق أول في XS.com
شهد الذهب اليوم حركة تصحيحية خفيفة، متراجعاً بنسبة 0.42% ليستقر بالقرب من 3625 دولاراً للأونصة.
تراجع الذهب يأتي وسط تصحيح فني محدود وبانحسار المخاوف حول الحماس المفرط المرتبط بسوق الذكاء الاصطناعي عقب المفاجأة التي أعلنتها شركة أوراكل. فقد أدى تراجع القلق بشأن المبالغة في تقييمات قطاع التكنولوجيا إلى تقليص الطلب على الذهب كملاذ آمن، مما قد أفسح المجال أمام مزيد من الضغوط البيعية.
ومع ذلك، يظل الاتجاه العام الصاعد للذهب مدعوماً بتزايد الثقة في مسار تخفيف التشديد النقدي من قبل الاحتياطي الفيدرالي. فقد عززت بيانات مؤشر أسعار المنتجين الأخيرة هذه التوقعات، حيث جاء نمو كل من مؤشر أسعار المنتجين الأساسي والرئيسي عند -0.1% مقابل توقعات عند 0.3%، مما عزز الرهانات على مزيد من الخفض للمعدلات. بحسب أرقام CME FedWatch Tool، تسعّر الأسواق حالياً احتمالية تقارب 70% لخفض بمقدار 75 نقطة أساس قبل نهاية العام.
أما اليوم تتجه الأنظار إلى بيانات مؤشر أسعار المستهلك، مع توقع أن تسجل القراءة السنوية نمواً عند 2.9%. فيما أن أي قراءة تفوق التوقعات قد تعقد السردية المرتبطة بتخفيف التشدد النقدي من خلال إعادة إحياء المخاوف بشأن استمرار الضغوط التضخمية. في حين كانت قد ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية خلال التداولات الآسيوية مع تمركز المستثمرين بحذر قبيل صدور البيانات، رغم أن محللين تحدثوا إلى صحيفة وول ستريت جورنال أشاروا إلى أن أرقام التضخم قد لا تغيّر جوهرياً المسار الفوري للفيدرالي، نظراً لقرب موعد اجتماعه وللاتجاه العام لضعف البيانات الاقتصادية.
وعلى صعيد قطاع التكنولوجيا، أصبحت أوراكل محور الاهتمام بعد أن قفز سهمها بنسبة 35% عند إغلاق الأربعاء، إثر إعلانها عن الفوز بأربع عقود بمليارات الدولارات مع ثلاثة عملاء مختلفين خلال الربع الأخير. ووفقاً لتقرير وول ستريت جورنال، فقد وقّعت شركة OpenAI أحد أكبر عقود الحوسبة السحابية في التاريخ مع أوراكل، ملتزمة بشراء ما يقارب 300 مليار دولار من قدرات الحوسبة على مدى خمس سنوات. ويعكس هذا الحجم الهائل من الإنفاق الطفرة في البنية التحتية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، مما قلص من حدة المخاوف بشأن فقاعة محتملة. بالنسبة لأسواق الأسهم، عزز هذا التطور معنويات قطاع التكنولوجيا عبر موازنة المخاوف من المبالغة في التقييم مع نمو ملموس في الإيرادات لدى مزوّدي خدمات الحوسبة السحابية.
في المقابل، واصلت المخاطر الجيوسياسية توفير دعم إضافي لتدفقات الملاذات الآمنة نحو الذهب والنفط وأسهم قطاع الدفاع، بعد أن أكدت بولندا في وقت مبكر من الأربعاء أنها أسقطت طائرات مسيّرة روسية دخلت مجالها الجوي أثناء الضربة الليلية التي شنّتها موسكو على أوكرانيا.
في مقالة رأي على نيويورك تايمز، اعتبر نيكولاس كريستوف الحادث بمثابة اختبار لثلاث أبعاد: اختبار التزام حلف الناتو بالدفاع عن أراضيه في مواجهة استفزازات روسية متعمدة، ولمصداقية دونالد ترامب في ظل تهديداته غير المنفذة بفرض عقوبات، وللقدرات العسكرية الغربية التي ما تزال تفتقر إلى وسائل فعّالة ومنخفضة التكلفة للتعامل مع حرب الطائرات المسيّرة. والأهم مما ذكره كريستوف قوله: “إذا قوبل هذا التحدي للناتو بأكثر من مجرد تغريدات غاضبة، فسوف يصعّد بوتين أكثر.” بمعنى أن التصعيد قد يحدث عاجلاً أم آجلاً، بشكل أو بآخر.
الدورة الإقتصادية الدورة الإقتصادية