أسعار النفط ترتفع بأكثر من 2% وسط التفاؤل التجاري والتصاعد المحتمل للتوتر الجيوسياسية

بقلم سامر حسن، محلل أسواق أول في XS.com

عادت أسعار النفط إلى المكاسب، مرتفعة بأكثر من 2% بعد خسائر حادة أوصلتها إلى أدنى مستوياتها منذ شهر مايو.

يأتي هذا الصعود لأسعار الخام مع استيعاب المستثمرين لمؤشرات على بعض الارتياح التجاري عقب تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة، إلى جانب بيانات تجارية صينية جاءت أقوى من المتوقع.

وبحسب ما نقلته وكالة رويترز، فقد تلقّى الانتعاش دعماً إضافياً من سلسلة بؤر توتر جيوسياسية محتملة، بدءاً من تصاعد التوترات في أوكرانيا ووصولاً إلى المخاطر المتجددة في الشرق الأوسط، وهو ما أعاد ضخّ علاوة مخاطر جديدة في أسواق الطاقة.

فيما أشارت تحليلات نقلتها رويترز إلى أن أسعار النفط كانت قد هبطت الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوياتها في خمسة أشهر وسط هدنة هشة في غزة وتجدد الغموض بشأن العلاقات التجارية، فيما يعيد المتداولون تركيزهم الآن على إمكانية أن تُسهم المفاوضات الأميركية–الصينية في تخفيف حدة التقلبات التي ضغطت على الأسعار في الجلسات السابقة.

على صعيد التجارة، بدأ التفاؤل يعود إلى الأسواق بعدما خفف ترامب من لهجته تجاه الصين، إذ قال “لا تقلقوا بشأن الصين، كل شيء سيكون على ما يرام”. وقد فُسرت هذه التصريحات، التي جاءت بعد تهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الصادرات الصينية وتوسيع نطاق القيود على الصادرات، على أنها إشارة إلى أن واشنطن قد تترك الباب مفتوحاً أمام خفض التصعيد.

ويرى محللو غولدمان ساكس أن النتيجة الأكثر ترجيحاً هي تمديد الهدنة الجمركية التي تم التوصل إليها في شهر مايو، مع تحذيرهم في الوقت ذاته من أن التوترات التجارية قد تشتعل مجدداً بين الحين والآخر، مما قد يؤدي إلى فترات مؤقتة من التقلب في الأسواق.

أما البيانات الاقتصادية الصينية فقد وفّرت دعماً إضافياً للأسعار، إذ قفزت صادرات البلاد بنسبة 8.3% على أساس سنوي في سبتمبر، وهو أسرع معدل نمو في ستة أشهر، بينما ارتفعت الواردات بنسبة 7.4%، مما يعكس صلابة الطلب المحلي رغم استمرار الضغوط الجمركية.

وأشار اقتصاديون نقلت عنهم رويترز إلى أن الولايات المتحدة تمثل حالياً نحو 10% فقط من إجمالي الصادرات الصينية، مع إعادة توجيه جزء متزايد من التجارة نحو الاتحاد الأوروبي ورابطة آسيان وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. وقد ساعد هذا التنويع في تخفيف تأثير الرسوم الأميركية على الاقتصاد الصيني، ما سمح بالحفاظ على وتيرة مستقرة من واردات النفط الخام التي ارتفعت بنسبة 3.9% مقارنة بالعام الماضي لتصل إلى 11.5 مليون برميل يومياً.

ونتج عن ذلك بيئة تجارية عالمية أكثر توازناً تدعم استقرار الطلب على الطاقة وتقلل من تقلبات الأسعار الناتجة عن المخاوف التجارية.

في الوقت ذاته، ما تزال الساحة الجيوسياسية تضيف طبقات جديدة من الضبابية، إذ جدّد مسؤولون إيرانيون تهديداتهم بإغلاق مضيق هرمز رداً على تشديد واشنطن تنفيذ عقوباتها التي تستهدف صادرات النفط الإيرانية، وهو احتمال يزداد مع تجدد أي أعمال عسكرية.

وقد حذر نائب في البرلمان الإيراني من أن طهران ستتخذ هذه الخطوة إذا ما قامت الولايات المتحدة أو حلفاؤها بمنع شحنات النفط الإيراني. وفي الوقت نفسه، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بوجود مخاوف متزايدة من احتمال تجدّد المواجهة مع إيران، لا سيما بعد وقف إطلاق النار في غزة. مثل هذا السيناريو قد يعزز خطر تعطّل طرق الشحن الحيوية ويدفع أسعار النفط إلى ارتفاع حاد، وإن كان مؤقتاً، مع تفاعل الأسواق مع مخاطر الإمداد.

وفي سياق تصاعد التوترات الجيوسياسية أيضاً، هدّد الرئيس ترامب بإرسال صواريخ توماهوك بعيدة المدى إلى أوكرانيا إذا استمرت روسيا في رفض التفاوض بشأن اتفاق سلام. وتؤكد تصريحات ترامب احتمال تحوّل واشنطن إلى موقف أكثر حزماً في أوروبا الشرقية، حيث يمكن لهذه الصواريخ أن تُستخدم لضرب بنى تحتية حيوية للطاقة داخل روسيا.

وذكرت صحيفة فاينانشال تايمز أن الولايات المتحدة كانت تقدّم دعماً استخبارياً حاسماً لأوكرانيا منذ منتصف عام 2025 لتوجيه الضربات بالطائرات المسيّرة طويلة المدى ضد منشآت الطاقة الروسية، بما في ذلك مصافي النفط البعيدة عن خطوط الجبهة، في إطار جهود منسّقة لإضعاف الاقتصاد الروسي ودفع فلاديمير بوتين نحو التفاوض.

ويُعد قرار تزويد كييف بمثل هذه الأسلحة المتقدمة تصعيداً كبيراً من شأنه أن يزيد حدة التوتر مع موسكو ويرفع احتمالات اضطراب إمدادات الطاقة. الأسواق تميل إلى تسعير علاوة مخاطر أعلى للنفط كلما ظهرت مؤشرات على تصاعد الصراع في أوكرانيا، خصوصاً بالنظر إلى قرب المنطقة من ممرات الطاقة الأوروبية الحيوية.

ومن المرجح أن تكون هذه الصدمات، إن حدثت، قصيرة الأجل قبل أن تتدخل منظمة أوبك لتعويض أي نقص محتمل في الإمدادات، وذلك في وقت تسعى فيه المملكة العربية السعودية لاستعادة حصتها السوقية من صادرات النفط الخام، بما يخدم أيضاً أهدافها الاقتصادية، وفقاً لتقرير نشرته وول ستريت جورنال.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أجرى سلسلة زيارات في طرابلس برفقة علي محمود العبد الله

السفير الصيني تشن تشواندونغ: شمال لبنان يمكن أن يلعب دورًا مهمًّا في الاقتصاد اللبناني وإعادة ...

الحاج يكشف عن خطة شاملة لإخراج قطاع الاتّصالات من سنوات الإهمال والانتقال من النطاق الضيّق إلى النطاق العريض

كشف وزير الاتّصالات شارل الحاج عن خطة شاملة لإخراج قطاع الاتّصالات من سنوات الإهمال، والانتقال ...

مرقص في تكريم نقابة مصممي الغرافيك الإعلام اللبناني: نحو خطوات تكاملية بين الإعلام والغرافيك

اقامت  نقابة مصممي الغرافيك  احتفالا تكريميا   للإعلام اللبناني برعاية وزير الإعلام المحامي د. بول ...