البيتكوين على استقرار لا يُخفي هشاشتها المتزايدة وسط تراجع السيولة

بقلم سامر حسن، محلل أسواق أول في XS.com

استقرت البيتكوين فوق 103,000 دولار بعد أن لامست أدنى مستوياتها منذ يونيو. وقد تلقت بعض الدعم المؤقت من بيانات التوظيف الصادرة عن ADP ومن مؤشر مديري المشتريات للقطاع الخدمي ISM التي جاءت أقوى من المتوقع أمس.

هذا التحسن المحدود في المعنويات ساعد على منع هبوط أعمق، إلا أن الصورة العامة ما تزال هشة، إذ يكشف تراجع حجم المراكز المفتوحة للعقود الآجلة، وضعف مؤشر حجم التداول التراكمي في السوق الفورية، إضافة إلى ستة أيام متتالية من خروج رؤوس الأموال من صناديق البيتكوين الفورية، عن استمرار نفور المستثمرين من المخاطرة.

وتزيد تلاشي الآمال بشأن خفض سعر الفائدة في ديسمبر، بعد صدور البيانات الأخيرة، من الضغوط على السوق، مما يجعلها أكثر عرضة لمزيد من الهبوط.

وبحسب بيانات CoinGlass، تباطأت عمليات التصفية القسرية لمراكز الشراء بعد أن تم محو ما يقارب 3 مليارات دولار منذ يوم الاثنين، بينما تجاوزت تصفيات مراكز البيع نظيرتها عند 212 مليون دولار مقابل 154 مليون دولار لمراكز الشراء. ويتجه المتداولون إلى خفض الرافعة المالية بشكل حاد، وأحياناً بشكل قسري، مما دفع حجم المراكز المفتوحة للعقود الآجلة إلى التراجع نحو 139 مليار دولار، وهو أدنى مستوى منذ يوليو. ويعكس هذا الانكماش ابتعاداً واضحاً عن الصفقات عالية المخاطر، الأمر الذي يقلص قدرة السوق على امتصاص التقلبات.

وترسم المؤشرات القائمة على السوق الفورية الصورة ذاتها. فصناديق البيتكوين الفورية سجلت أكثر من 900 مليون دولار من التدفقات الخارجة خلال الجلسات الست الماضية، وفقاً لبيانات SoSo Value، مما يشير إلى تراجع شهية المؤسسات في وقت تعاني فيه السيولة أصلاً من الضعف. وفي الوقت ذاته، يواصل مؤشر حجم التداول التراكمي في السوق الفورية اتجاهه الهبوطي مقترباً من أدنى مستوياته منذ أبريل، وهو ما يعكس غياب عمليات تراكم حقيقية.

وتبرز طبقة أكثر مقلقاً من المخاطر في شركات البيتكوين الخازنة، حيث بدأت تظهر تصدعات قد تهدد بانعطافة هابطة عميقة أو حتى شتاءٍ جديد للعملات المشفرة. وقد ظهر أول مؤشر ضغط كبير بعدما باعت شركة Sequans نحو 970 بيتكوين لسداد ديون قابلة للتحويل تستحق قريباً، لتتراجع حيازاتها من 3,234 إلى 2,264 بيتكوين. ورغم أن الشركة وصفت هذه الخطوة بأنها “إعادة تخصيص استراتيجية للأصول”، إلا أن الآليات الأساسية تعكس حالة هشاشة بنيوية لنموذج الأعمال هذا.

وتعتمد هياكل شركات اكتناز الأصول الرقمية (DATs) على ارتفاع تقييمات الأسهم وتحسن نسبة مضاعف قيمة صافي الأصول (mNAV) لإصدار الديون القابلة للتحويل وشراء البيتكوين، مما يخلق حلقة نمو انعكاسية. وبمجرد أن تتراجع أسعار الأسهم، وتتعاظم التزامات الديون، وتقترب mNAV من مستوى 1.0، تنقلب الحلقة ويصبح الاحتفاظ بالبيتكوين عبئاً وليس أصلاً، ويغدو جذب مستثمرين جدد أكثر صعوبة مع تقلص العلاوة.

وإذا بدأت هذه الشركات الكبرى الأخرى بإظهار مزيد من الضعف في قدرتها على جذب التمويل، ولا سيما مع اقتراب mNAV الخاصة بشركةStrategy من مستوى 1، فإن مخاطر الدخول في دورة معاكسة حادة تتصاعد بسرعة.

في المحصلة، يعكس استقرار البيتكوين الحالي حالة توقف مؤقت أكثر مما يعكس تعافياً فعلياً. فما تزال السيولة ضعيفة، وتتواصل عمليات التخلص من الرافعة المالية، بينما تتنامى المخاطر الهيكلية في تدفقات المؤسسات وفي شركات اختزان العملات الرقمية. ومن دون تجدد عمليات التراكم أو ظهور محفزات اقتصادية واضحة، ستظل مخاطر الهبوط هي المسيطرة، ومن المرجح أن تكون أي ارتدادات قصيرة الأجل وعرضة للانكسار وربما التراجع إلى مستويات أدنى بكثير.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أجرى سلسلة زيارات في طرابلس برفقة علي محمود العبد الله

السفير الصيني تشن تشواندونغ: شمال لبنان يمكن أن يلعب دورًا مهمًّا في الاقتصاد اللبناني وإعادة ...

الحاج يكشف عن خطة شاملة لإخراج قطاع الاتّصالات من سنوات الإهمال والانتقال من النطاق الضيّق إلى النطاق العريض

كشف وزير الاتّصالات شارل الحاج عن خطة شاملة لإخراج قطاع الاتّصالات من سنوات الإهمال، والانتقال ...

مرقص في تكريم نقابة مصممي الغرافيك الإعلام اللبناني: نحو خطوات تكاملية بين الإعلام والغرافيك

اقامت  نقابة مصممي الغرافيك  احتفالا تكريميا   للإعلام اللبناني برعاية وزير الإعلام المحامي د. بول ...