بقلم سامر حسن، محلل أسواق أول في XS.com
تراجعت أسعار النفط بنحو 0.3% لكل من خام برنت وغرب تكساس الوسيط، لتتوقف مؤقتًا بعد ثلاثة أيام متتالية من المكاسب.
ويعكس هذا التراجع الطفيف حالة من التريث قصير الأمد في سياق موجة صعودية أوسع نطاقًا، إذ لا تزال العوامل الأساسية تميل لصالح المزيد من الارتفاع.
فالصورة العامة لسوق النفط تميل إلى الاتجاه الصعودي مع تلاقي عوامل جيوسياسية وعوامل مرتبطة بارتفاع الطلب العالمي لدعم الأسعار.
فالمخاطر الجيوسياسية المرتبطة باحتمال تجدّد التصعيد بين إيران وإسرائيل، واستمرار تداعيات العقوبات على روسيا، إلى جانب ضعف الدولار، تتقاطع جميعها مع احتمالات قرب انتهاء إغلاق الحكومة الأمريكية.
إعادة فتح الحكومة من شأنها أن تعيد النشاط للإنفاق الفيدرالي وتدفق البيانات الاقتصادية، مما يعزز ثقة المستهلكين والقطاع الصناعي، في حين يسهم تراجع الدولار في زيادة القوة الشرائية العالمية للنفط.
وعلى الصعيد الجيوسياسي، يضيف هذا المشهد طبقة جديدة من المخاطر الداعمة للأسعار. فقد ارتفعت العقود الآجلة للنفط مع بدء العقوبات المفروضة على روسيا في إحداث قيود ملموسة على الإمدادات العالمية.
أما في الشرق الأوسط، فبحسب صحيفة نيويورك تايمز، تعمل إيران على توسيع قدراتها في إنتاج الصواريخ بسرعة استعدادًا لما تعتبره مواجهة حتمية مع إسرائيل.
وقد حذر مسؤولون إسرائيليون من عمل عسكري جديد إذا اقتربت إيران أكثر من امتلاك قدرات نووية، مؤكدين أن أي تصعيد إقليمي جديد قد يؤثر مباشرة في مسارات الإمداد العالمية واستقرار الأسعار.
ويزيد هذا التصعيد من احتمالات اندلاع صراع جديد في الشرق الأوسط، وهو سيناريو قد يضيف علاوة سعرية جديدة إلى أسواق النفط، على الأقل في الأجل القصير، إلى أن يعيد السوق تقييم مخاطر القيود على الإمدادات.
وعلى جانب الطلب، أضفت وكالة الطاقة الدولية نغمة أكثر تفاؤلًا بعد أن غيّرت نظرتها طويلة الأمد. ففي تقرير حديث، توقعت الوكالة استمرار نمو الطلب العالمي على النفط حتى عام 2050 في ظل السياسات الحالية، ليصل إلى 113 مليون برميل يوميًا، في تحول واضح عن توقعاتها السابقة التي رجّحت بلوغ الذروة بحلول عام 2030.
ورغم تحذير الوكالة من أن هذا المسار قد يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية بمقدار 2.9 درجة مئوية، إلا أن المراجعة الأخيرة تبرز استمرار الدور المحوري للنفط في الاقتصاد العالمي، والمقاومة السياسية التي تبطئ عملية التحول نحو الطاقة النظيفة.
أما على الجانب السلبي، فقد تعود المخاطر المرتبطة بالسياسة النقدية إلى الواجهة قريبًا. فهناك انقسام حاد داخل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي حول مسار أسعار الفائدة، بين من يقلقهم استمرار التضخم ومن يخشون تباطؤ سوق العمل.
وقد خفّض رئيس الفيدرالي جيروم باول من سقف التوقعات بشأن خفض الفائدة في ديسمبر بعد الاجتماع الأخير، بينما تُظهر أرقام CME FedWatch Tool تراجع احتمالات الخفض إلى نحو 65% بعد أن كانت تفوق 90% قبل شهر واحد فقط.
وإذا استمرت الآمال في خفض الفائدة بالتلاشي، فقد يؤدي تعافي الدولار إلى الحد من الزخم الصعودي لأسعار النفط على المدى القريب.
الدورة الإقتصادية الدورة الإقتصادية