بقلم سامر حسن، محلل أسواق أول في XS.com
تعثرت البيتكوين لثلاث جلسات متتالية، وكُسِرَت دون مستوى 90,000 دولار للمرة الأولى منذ أبريل.
يمثّل الهبوط المتواصل للبيتكوين سوقاً محاصرة بين سيولة آخذة في التقلص وضعف شهية المخاطرة وتصاعد الضبابية حول توجهات السياسة النقدية. اشتدت الضغوط البيعية مع تفكيك المراكز الممولة بالهامش وتراجع دخول المؤسسات، مما خلق حلقة تغذي ذاتها وتفاقم كل موجة هبوط. أما غياب إشارات الشراء القوي عند الانخفاض فيعكس تآكل الثقة بوتيرة أسرع من قدرة السوق على الاستقرار.
محَت البيتكوين مكاسبها لعام 2025 وتراجعت بنحو 30 في المئة من ذروتها فوق 125,000 دولار في أكتوبر. وتداولت عند 89,183 دولاراً في آسيا بعد كسر الدعم المحوري عند 100,000 دولار، وهو المستوى الذي كان يشكل سابقاً مرساة للمراكز الشرائية.
وأفاد محللون لوكالة رويترز بأن تلاشي توقعات الخفض في أسعار الفائدة الأميركية وتراجع أسواق الأسهم يُسهِمان في هذا الهبوط، مع فقدان الزخم في موجة الصعود الأوسع. وقال جوشوا تشو منWeb3 Association في هونغ كونغ إن موجة البيع تتضخم بفعل خروج الشركات والمؤسسات الكبرى من المراكز التي راكمتها خلال الارتفاع السابق. وأشار إلى أن هذا الانسحاب يخلق عدوى ممتدة في السوق مع تقلص مستويات الدعم، موضحاً أن ارتفاع الضبابية حول ظروف الاقتصاد الكلي قادر على محو الثقة بسرعة لافتة وترك الأسواق مكشوفة أمام اضطرابات أعمق.
ومنذ مطلع أكتوبر، فقدت سوق العملات المشفرة أكثر من 1.1 تريليون دولار من قيمتها. وربط محللو The Bull Theory هذا التراجع بانهيار حاد في السيولة عقب موجة البيع في 10 أكتوبر، حين تمت تصفية ما يزيد على 20 مليار دولار في دقائق معدودة.
وقد أدّى هذا التراجع إلى ترقق واضح في دفاتر الأوامر، مما جعل الأسعار شديدة الحساسية حيث تقود عمليات البيع الصغيرة إلى تراجعات كبيرة نسبياً. ووفقاً لـ The Bull Theory، فإن هذا المشهد يُضخّم مظهر الهلع ويعجّل بانحسار التدفقات المضاربية.
وتعكس بيانات السيولة هذا الهشاشة، إذ تمت تصفية ما يقرب من 800 مليون دولار من مراكز العقود الآجلة الطويلة منذ الأحد وفق بيانات CoinGlass، فيما يبقى إجمالي المراكز المفتوحة في سوق العقود الآجلة للعملات المشفرة قريباً من أدنى مستويات يوليو.
وترتفع مخاطر عودة “شتاء العملات المشفرة” ما لم يظهر تعافٍ سريع ومقنع. وتظل شركات اكتناز الأصول الرقمية عاملاً محورياً، وعلى رأسها شركة Strategy، التي يتراجع مضاعف صافي قيمة أصولها (mNAV) إلى ما دون 1. وقد يؤدي بقاء هذا المعامل منخفضاً إلى تقويض قدرتها على التمويل وإحياء المخاوف من اضطرارها إلى بيع الأصول. وتتزامن هذه الهشاشة مع تراجع أوسع في الأسهم، حيث ينخفض مؤشر S&P 500 للأسبوع الرابع على التوالي.
ويضيف ضعف الرهانات على خفض الفائدة في ديسمبر مزيداً من الضغوط. ووفقاً لأرقام CME FedWatch Tool، تراجعت احتمالات خفض الفائدة بواقع 25 نقطة أساس في اجتماع نهاية العام إلى 46 في المئة. ويسهم هذا التحول في إضعاف جاذبية الأصول عالية المخاطر ويضغط على الأسواق التي كانت تُسعّر مساراً أكثر تيسيراً للسياسة النقدية
الدورة الإقتصادية الدورة الإقتصادية