الدورة الإقتصادية الدورة الإقتصادية
بقلم سامر حسن، محلل أسواق أول في XS.com
تحافظ بيتكوين على استقرارها فوق 90,000 دولار بعد جلستين متتاليتين من المكاسب أبعدتها عن قيعان الأسبوع الماضي.
يعود هذا الارتداد الأخير إلى التعافي الأوسع في الأسهم العالمية، وخصوصاً أسهم التكنولوجيا، حيث ساهم تراجع المخاوف من فقاعة الذكاء الاصطناعي وتجدد الحماسة الاستثمارية في تعزيز شهية المخاطرة وتحسين أداء الأصول عالية الحساسية.
كما أسهم تباطؤ وتيرة التصفية الإجبارية للمراكز الشرائية منذ أوائل أكتوبر في استقرار حركة بيتكوين بشكل أكثر سلاسة. ومع ذلك، لا يزال بيع الحيتان نشطاً بما يكفي لإبقاء الزخم الصعودي هشاً ومنع هذا الارتفاع من التحول إلى اتجاه واضح.
تبقى تحركات الحيتان قوة متباينة وقد تكون مزعزعة للاستقرار. ووفقاً لبيانات BGeometrics، ظل عدد محافظ “الحيتان الضخمة” التي تمتلك أكثر من 10,000 بيتكوين مستقراً عند 91 عنواناً، وهو المستوى نفسه المسجّل أمس.
ويعكس تراجعها السنوي بمقدار ستة عناوين، أي بنسبة -6.186%، حفاظ هؤلاء المستثمرين على مراكزهم دون ضخ رؤوس أموال جديدة. في المقابل، يتواصل انكماش فئة الحيتان التي تمتلك بين 1,000 و10,000 بيتكوين. فقد تراجع عددها من 1962 إلى 1925 خلال يوم واحد، في أدنى مستوى لها منذ عام 2024.
ويبلغ إجمالي الانخفاض 57 عنواناً خلال الأسبوع الماضي و64 خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، أو ما يعادل انكماشاً سنوياً نسبته -3.266%. ويُظهر هذا التحول أن حاملي المراكز المتوسطة إلى الكبيرة يقومون بتقليص تعرضهم أو إعادة توزيع حيازاتهم، وهو ما يزيد تعقيد أي محاولة لخلق اتجاه صعودي مستدام.
وعلى صعيد سوق العقود الآجلة، تظهر التمركزات أولى إشارات الاستقرار. وتشير بيانات CoinGlass إلى أن موجات التصفية هذا الأسبوع كانت محدودة مقارنة بصدمة 10 أكتوبر، ما سمح للسوق بإعادة بناء شيء من هيكليته. وارتفع إجمالي المراكز المفتوحة في العقود الآجلة لمجمل سوق العملات المشفرة بنحو 10 مليارات دولار من قاع الأحد عند 122 مليار دولار، رغم أنه ما يزال بعيداً عن الذروة القياسية عند 233 مليار دولار. ويُعد هذا التحسن إيجابياً، لكنه ما يزال ضحلاً للغاية للإشارة إلى عودة الرافعة المالية القوية.
ويقدّم السوق الفوري رسالة مشابهة. فقد ارتفع مؤشّر حجم التداول التراكمي (On-Balance Volume) بشكل طفيف، مشيراً إلى تراجع وتيرة التوزيع أكثر من كونه يعكس تراكمات حقيقية. ويبدو أن المشترين انتقائيون، حيث يتدخلون فقط مع انحسار الضغوط البيعية القسرية. ويساعد هذا السلوك بيتكوين على الحفاظ على متانتها، لكنه لا يشكّل بعد بداية دورة طلب قوية.
وكانت أسواق الأسهم عاملاً دافعاً أساسياً خلال مرحلة التعافي الحالية. ووفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال، سجّلت الأسهم الأميركية أربع جلسات متتالية من المكاسب حتى يوم الأربعاء، مع تجدد الثقة في توقعات خفض الفائدة وارتفاع الإقبال على أسهم الذكاء الاصطناعي. ويستعد مؤشر ناسداك لتسجيل أقوى أداء لأسبوع عيد الشكر منذ 2008، مدعوماً بتحسن واسع في المعنويات.
ولا يزال تفاؤل الأسواق بالسياسة النقدية ركناً رئيسياً في هذا المزاج الإيجابي. وتُظهر بيانات CME FedWatch Tool أن السوق تسعّر احتمالاً يتجاوز 84% لخفض الفائدة في ديسمبر، مقارنةً بأقل من 50% قبل أسبوع فقط.
وبذلك، يبدو أن تماسك بيتكوين هذا الأسبوع نتج بشكل رئيسي عن بيئة كلية مساندة أكثر منه قوة داخلية. فقد أتاح التعافي في قطاع التكنولوجيا، واعتدال وتيرة التصفية، وتحول توقعات الفائدة مجالاً للعملة المشفّرة كي تستقر. ومع ذلك، يظل النمط المختلط في توزيع الحيتان وغياب تراكم واضح من المستثمرين عوامل تُبقي السوق عرضة للضعف. وسيعتمد المسار القادم على قدرة التحسن في أسواق الأسهم على جذب تدفقات أكثر استدامة نحو سوق العملات الرقمية
