الدورة الإقتصادية الدورة الإقتصادية
بقلم سامر حسن، محلل أسواق أول في XS.com
تستقرّ البيتكوين اليوم فوق 86,000 دولار، مرتفعة بنسبة 0.7% بعد موجة البيع الحادة يوم أمس التي شهدت تراجعاً بنسبة 4.5% عند الإغلاق وأكثر من 7% خلال الجلسة.
إلا أنّ هذا الاستقرار الأخير يُخفي هشاشة أعمق تحت السطح. فبحسب ديناميكيات السوق الحالية، ما زالت الحيتان تواصل التخلص من حيازاتها، فيما لم يكتمل بعد تصحيح مستوى الرافعة المالية في سوق العقود الآجلة، ولم تظهر أي مؤشرات مقنعة على تكوّن قاع سعري. كما أنّ المشهد ازداد تعقيداً بفعل صدمة التشديد من بنك اليابان وتصاعد المخاوف بشأن المخاطر المرتبطة بشركة Strategy، وهو ما يُبقي الضغوط الهبوطية في الواجهة.
كما أن عجز العملات الرقمية عن الارتداد جنباً إلى جنب مع الارتفاع الأوسع في الأسهم الأمريكية يبرز مدى انفصال المعنويات عن الأصول التقليدية عالية المخاطر. فبرغم تحسّن شهية المخاطرة في أسهم التكنولوجيا والأداء القوي عبر المؤشرات العالمية عموماً، لا تزال الأصول الرقمية عالقة في مسار هبوطي بنيوي خاص بها. هذا التباين يشير إلى سوق تصارع ضغوطاً داخلية تتجاوز العوامل الكلية وحدها.
وتستمر عدة عوامل بنيوية في الضغط على آفاق البيتكوين. فبحسب بيانات BGeometrics، انخفض عدد الحيتان التي تمتلك ما بين 1,000 و10,000 وحدة بيتكوين إلى 1,918 عنواناً يوم الأحد، وهو أدنى مستوى منذ يناير 2024. هذا التفريغ المستمر من قبل الحائزين المتوسطي والكبار الحجم يضعف أي محاولة لبناء أرضية سعرية مستدامة ويعزز احتمالات حدوث تراجعات أعمق.
كما تعكس نشاطات السوق الفورية تراجع القناعة الاستثمارية؛ إذ يواصل حجم التداول التراكمي (OBV) للبيتكوين على منصة Coinbase الهبوط مقترباً من أضعف قراءة له منذ أبريل، بما يشير إلى أنّ الاتجاه السائد لا يزال ميل المستثمرين نحو البيع.
وفي الوقت نفسه، تُظهر بيانات CoinGlass أن المراكز المفتوحة للعقود الآجلة انخفضت إلى 124 مليار دولار، وذلك بالقرب من مستوياتها المتدنية في يوليو، بينما لا تزال موجات التصفية المتكررة كافية لمنع اكتمال عملية تصحيح الرافعة المالية.
وبناءً على هذه العوامل مجتمعة، فإن القاع المتين لم يتشكل بعد، بحسب ما أعتقد.
وتتفاقم الضغوط بسبب صدمات خارجية. فبحسب صحيفة وول ستريت جورنال، تسارع هبوط البيتكوين بعد تصريحات محافظ بنك اليابان كازو أويدا التي عززت التوقعات برفع سعر الفائدة مجدداً هذا الشهر، ما أعاد للأذهان ذكريات التشديد المفاجئ في أواخر 2022.
وأشار محللون نقلت الصحيفة تصريحاتهم إلى أن البيتكوين تتصرف حالياً كمؤشر متقدم لشهية المخاطرة، وأن عجزها عن الاستقرار أثار قدراً أكبر من الحذر في الأسواق مع دخول ديسمبر.
كما أضافت المخاوف المتعلقة بشركة Strategy عاملاً مزعزعاً آخر. فقد جمعت الشركة 1.44 مليار دولار لتغطية توزيعات الأرباح ومدفوعات الفائدة، إضافةً إلى شراء 130 وحدة بيتكوين أخرى، ما رفع إجمالي حيازاتها إلى نحو 650,000 بيتكوين. ومع ذلك، وكما ذكرت الصحيفة، خسر سهم الشركة ما يقرب من نصف قيمته هذا العام ويتداول حالياً دون صافي قيمة أصولها من البيتكوين، الأمر الذي أجبرها على خفض توقعاتها السنوية بشكل حاد وأثار نقاشات حول احتمال بيع جزء من مقتنياتها من البيتكوين للوفاء بالالتزامات.
وأصبح احتمال شروع Strategy في تصفية جزء من احتياطياتها من البيتكوين محور اهتمام المحللين. ومع وصول مضاعف صافي قيمة الأصول إلى العتبة الحرجة البالغة ما دون الواحد، وتراجع إمكانية الوصول إلى أسواق التمويل، يخشى البعض من أن تؤدي عمليات البيع القسرية المحتملة إلى إشعال موجة جديدة من البيع.
وقد يشكّل ذلك، في حال حدوثه، نقطة البداية الفعلية لشتاءٍ جديد للعملات المشفرة، خصوصاً إذا تزامن مع استمرار بيع الحيتان لحيازاتها وعدم اكتمال تفريغ الرافعة المالية.
