بقلم سامر حسن، محلل أسواق أول في XS.com
فشلت البيتكوين مرة أخرى في ترسيخ موقعه بثبات فوق مستوى 90,000 دولار، في انعكاس لحالة سوق لا يزال متردداً في التثبت ضمن اتجاه حاسم.
ومع ذلك، قد تنعكس الصورة سريعاً هذا الأسبوع مع ترقّب المستثمرين لقرار الاحتياطي الفيدرالي، والأهم من ذلك، لنبرة جيروم باول.
فقد أدى التحول المفاجئ نحو النبرة التيسيرية من باول في جاكسون هول في أغسطس إلى رفع البيتكوين بنسبة 4% والإيثريوم بنسبة 14%. وقد يتساءل المتداولون الآن عمّا إذا كانت نبرة مشابهة هذا الأسبوع قادرة على إعادة إشعال الزخم.
لكن هل تمتلك البيتكوين بالفعل العوامل التي يحتاجها ليحقق تعافياً كبيراً كما فعل في أغسطس؟ الصورة تبدو شديدة التباين عند النظر في المحركات المختلفة.
في الوقت الحالي، تُظهر تدفقات صناديق البيتكوين المتداولة الفورية محدودية تشكيل اتجاه واضح. ووفقاً لـ SoSo Value، لم تشهد تداولات ديسمبر أي تدفقات داخلة أو خارجة بما يتجاوز حاجز 100 مليون دولار سوى مرة واحدة فقط، وهو ما يعكس حالة التردد التي سيطرت أيضاً على أواخر نوفمبر. هذا الغياب لرأس المال ذي الاتجاه الواضح يبقي البيتكوين محصوراً ضمن نطاق تداولات قصيرة الأجل بدلاً من تراكم مستدام.
أسواق العقود الآجلة بدورها تبدو هادئة للغاية. وتشير بيانات CoinGlass إلى أن إجمالي المراكز المفتوحة يحوم حول 127 مليار دولار، قرب مستويات مايو المتدنية، في إشارة إلى أن المتداولين بالرافعة المالية ما زالوا خارج المشهد. كما أن الخوف من عمليات التصفية المفاجئة لا يزال قائماً، مما يبقي المراكز المضاربية مكبوحة في وقت يحتاج فيه السوق إلى محفزات صعودية.
كما أن سلوك السوق الفوري يعكس حالة التردد ذاته. فمع أن حركة السعر تميل إلى الارتفاع بشكل طفيف، إلا أن حجم التداول التراكمي علىCoinbase يتحرك بشكل جانبي، في دلالة على سوق لا يراكم مراكز جديدة ولا يخرج منها بشكل ملحوظ. ورغم أن هذا الاستقرار لافت، إلا أنه لا يشكل حتى الآن قاعدة تسمح بانطلاقة قوية.
كما أن نشاط الشبكة يعكس صورة مختلطة. ووفقاً لأرقام BGeometrics، لم تُظهر الحيتان التي تستحوذ على ما بين 1,000 و10,000 بيتكوين أي تغيير صافٍ بالأمس، بينما بقيت 43 محفظة أصغر حجماً على مدى الشهر لكنها ارتفعت بـ 9 محافظ مقارنة بالأسبوع الماضي. أما أصحاب الحيازات الضخمة فوق 10,000 بيتكوين فبقوا مستقرين يومياً وتراجعوا بمقدار 3 محافظ خلال الأسبوع، فيما سجلت الفئة الأصغر التي تمتلك بين 100 و1,000 بيتكوين انخفاضات أسبوعية طفيفة.
أما الخلفية الأوسع فتبدو أكثر دعماً للأصول عالية المخاطر. فوفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال، يزداد تفاؤل المستثمرين مع بقاء التقييمات مرتفعة، ولكن بعيدة عن المستويات التاريخية المتطرفة، مدعومةً بتراجع عوائد السندات. ولا يزال النمو الاقتصادي قوياً بما يكفي لدعم أرباح الشركات، في حين حافظ الإنفاق خلال العطلات والطلب الاستهلاكي على قوته. كما اتسع نطاق الصعود ليشمل ما هو أبعد من عمالقة التكنولوجيا، مع اقتراب مؤشري راسل 2000 والمؤشر المتساوي الوزن من مستويات قياسية. كما تدعم توقعات التضخم الراسخة وآفاق النمو طويل الأمد هذا الاتجاه الإيجابي.
وتُعد هذه الرياح الداعمة مهمة للعملات المشفرة، إذ إن تحسّن شهية المخاطرة عادة ما يخفف القيود على السيولة ويشجع على التحول نحو الأصول البديلة الخطرة.
ومع ذلك، لا يزال خطر هيكلي يخيّم على السوق بأكمله. حيث أن مضاعف صافي قيمة الأصول (mNAV) الخاص بشركة Strategy لا تزال دون مستوى الواحد دون أي إشارة تحسن، مما يصعّب على الشركة جذب رؤوس أموال جديدة. وإذا استمر هذا الخصم في قيمة الشركة، فقد ينهار السرد حول شركات اكتناز البيتكوين بشكل حاد. هذا السيناريو ليس نظرياً، بل يمثل أكبر خطر فردي على البيتكوين.
في هذه البيئة، تقترب البيتكوين من لحظة حاسمة. فالنبرة التيسيرية من باول قد تعيد الشهية اللازمة لدفع الأصل نحو مسار صعودي جديد، لكن غياب تدفقات صناديق البيتكوين، وضعف نشاط العقود الآجلة، وصورة التراكم المتباينة على السلسلة تجعل المسار غير مؤكد.
السوق متهيئ لمحفز، وما إذا كان باول سيقدم هذا المحفز سيحدد ما إذا كانت الخطوة التالية للبيتكوين هي تعافٍ كبير آخر، أم محاولة فاشلة جديدة فوق مستوى 90,000
الدورة الإقتصادية الدورة الإقتصادية