تخفيض فيدرالي متوقع مع نظرة مستقبلية شبة ثابتة

تحليل الأسواق عن احمد عسيري، استراتيجي الابحاث في  Pepperstone

جاء قرار الفيدرالي بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس ليبقي السياسة النقدية على المسار  المُسعر نفسه دون أي تحول جوهري. البيان الذي صدر بعد الاجتماع أكد أن المخاطر على جانبي التزامات الفيدرالي لا تزال تبدو متوازنة ، فالتضخم الى حد ما مرتفع وقد يصل قمته المتوقعة في الربع الاول من العام القادم فيما يتعلق بتأثير التعريفات، وسوق العمل فقد بعض الزخم وهو الاولوية المباشرة للفيدرالي لكنه لا يظهر اختلال حاد يستدعي تسريع وتيرة التيسير بشكل اكبر. كما شدد الفيدرالي على التزامه بمستهدفات استقرار الاسعار مع مراقبة للبيانات الاقتصادية القادمة ، وأشار أيضاً إلى أن مستويات الاحتياطيات في النظام البنكي ما تزال عند الحد الكافي ، ما يحفز توجيه مشترياته نحو السندات قصيرة الاجل للمحافظة على استقرار السيولة في النظام المالي الذي قد ابدى بدورة نوع من شح السيولة في الفترة الاخيرة. ملاحظة عكس التشديد النقدي الذي كان قائم الى بداية الشهر الحالي ومن ثم عكس الاتجاه الى التدخل بشراء سندات الخزانة متى ما اقتصت الحاجة يعكس حاله متغيرة ومتجددة في مستويات السيولة الاقتصادية ، وهو ما يمكن وصفه بالتيسير الكمي ولكن في الاجال القصيرة ولكن يبدو ان صناع القرار يتجنبوا تسميته بهذا الإسم الذي يعيد الى الاذهان ذكريات العقد الماضي وفترة كوفيد والتي تحمل ايحائات مختلفة بشأن النمو واستهداف المنحى على على اجال مختلفة.

نتيجة التصويت كشفت انقسام واضح داخل اللجنة ولكن اقل من ما كان متوقع ، إذ جاء القرار بموافقة تسعة أعضاء مقابل اعتراض ثلاثة. ميران كما هو متوقع دعى إلى خفض أكبر بواقع 50 نقطة أساس ، بينما فضل غولسبي وشمد الإبقاء على الفائدة دون تغيير. هذا الانقسام أحد أكبر الانقسامات في السنوات الأخيرة ، لكنه لم يفاجئ الأسواق التي كانت متوقعة هذا التباين في القراءات ، خصوصاً مع اختلاف تقديرات الأعضاء حول سرعة تراجع الضغوط التضخمية. اتفهم هذا الانقاسم الذي تزامن مع عدد من التغيرات الاقتصادية والذي زاد الطين بله هو غياب البيانات الاقتصادية وتأخيرها مع الاغلاق الحكومي وغياب بيانات التضخم والتوظيف للشهر الماضي الى الان ، وهذا بطبيعة الحال يؤدي الى انشقاق واختلاف في الاراء ولو ان مخرج التصويت النهائي لم يكن بالشكل الشيء الذي كان يخشى ويستدعي اختلاف عام 1984.

أما الدوت بلوت ، فكان الرسالة الأكثر وضوحاً ، إذ لم يتغير أي من المسارات المتوقعة للفائدة عبر السنوات المقبلة. بقيت التوقعاتولعام 2026 عند 3.375% تثبيت التقدير طويل الأجل عند 3%. هذا الثبات يعكس رؤية جماعية بأن المسار الحالي مناسب ولا يستدعي أي تعديل ، وأن الفيدرالي لا يرى مبرراً لإشارة تيسيرية أكبر في هذه المرحلة. وبذلك ، فإن ثبات الدوت بلوت هو الرسالة المركزية التي تشير الى ان الفيدرالي مرتاح لمسار التراجع التدريجي في التضخم ولا يريد بناء توقعات حول دورة خفض أعمق.

رد فعل الأسواق كان إيجابي لكنه ليس مدفوع برسالة تيسيرية جديدة ، بل بغياب أي مفاجأة تشددية. ديسمبر غالبا ما يحمل معه ميل إلى الأجواء الإيجابية في الأصول الخطرة ، وكان يكفي أن يتجنب الفيدرالي لهجة متشددة حتى تتماسك شهية المخاطرة. ما حدث هو أن الأسواق حصلت على ما كانت تريده الى حد كبير وهو خفض محسوب للفائدة ، انقسام متوقع وليس شديد ، دوت بلوت شبه ثابت. لذلك ، التفاؤل هو انعكاس لطبيعة موسم ديسمبر وليس لسياسة نقدية أصبحت أكثر لطف. على خلاف ذلك الى حد ما ، اعتقد ان الاسواق الان يبنغي لها العودة الى المحفزات الاخرى مثل نمو الارباح وتحسن افق القطاعات على خلاف القاعدة الداعمة للاسواق في اغلب النصف الثاني من العام وهو امال تسير نقدي كتأمين الفيدرالي للأسواق.

خلاصة المشهد لا توجد إشارات على دورة تيسير واسعة قادمة بل تسعير شبه معدوم للتخفيض في اول اجتماع في 2026 ونحو 55% في اجتماع مارس ، لكن لا توجد أيضا إشارات على تشديد في الفترة القادمة وهو امر مفروغ منه. هذه الوسطية تمنح الأسواق مساحة للحفاظ على مزاج ديسمبر الإيجابي ، لكنها في الوقت نفسه تترك اتجاه الأسعار في الأسابيع المقبلة رهينة البيانات المتأخرة التي ينتظرها المستثمرون ، خصوصاً بيانات التضخم وسوق العمل ، وليس رهينة قاعدة سياسة نقدية كما رأينا خلال الاسبوعين الماضية.

فيما يخص السوق السعودي ، فمن غير المتوقع أن يظهر تأثير خفض الفائدة على تداولات الأسبوع بصورة كبيرة ، وذلك لسببين رئيسيين أولها جاء القرار منسجم مع توقعات المستثمرين ، ما حدّ من عنصر المفاجأة وما قد يبنى علية من تغيرات في التقييمات. ثانياً ، يظل السوق في حاجة إلى محفزات نوعية تتجاوز السياسة النقدية ، على غرار تحسن افاق القطاعات التشغيلية أو تحقيق دورة نمو متماسكة في الأرباح. هذه العناصر هي التي تعيد عادة تشكيل تقييمات الأصول وتنعش شهية المخاطرة.

السوق السعودي يتداول اليوم عند المستويات ذاتها التي سجلها قبل ثلاثة أشهر تقريبا ، في ظل غياب تغير جوهري في الاتجاه العام. المؤشر منخفض بنحو 12% منذ بداية العام الذي يوشك على نهايته، وما يقارب 5% خلال العامين الماضيين في طريقة الى أسوء خامس سنة في اخر 30 عام. هذه العوائد تعكس حالة فتور في ثقة المستثمرين بالسوق المحلية ، مدفوعة بغياب محفزات قادرة على إعادة تنشيط الدورة الاستثمارية ، ومكبوتة أيضا بما يلوح في أفق سوق النفط من ضغوط هيكلية. حيث يدخل خام برنت عام 2026 في وضع لافت ، إذ يستمر الطلب العالمي في النمو بوتيرة صحية ، بينما يتوسع المعروض بوتيرة تقارب ثلاثة أضعاف سرعة الطلب. هذا الخلل يشير إلى فائض متزايد يشكل منحنى هابط الأسعار.

تشير التقديرات إلى أن خام برنت مرشح للتراجع دون 60 دولار خلال 2026 ، مع إمكانية الهبوط إلى مستويات في نطاق الخمسينات المتدنية في الربع الرابع العام القادم، وربما إنهاء العام عند سعر أدنى. هذه التوقعات نتيجة ميكانيكية للاختلال القائم بين العرض والطلب في السوق النفطية وهو ما بدوره ينعكس على تقييمات السوق السعودي.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

تباين أداء الأسواق الخليجية مع صعود دبي والسعودية قبيل قرار الفيدرالي

تحليل السوق التالي عن دانيال تقي الدين الشريك المؤسس و الرئيس التنفيذي لمجموعة Sky Links ...

هواوي تستعرض ابتكارتها في الأمن السيبراني المدعوم بالذكاء الاصطناعي خلال مؤتمر بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا

شاركت هواوي في مؤتمر “بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025” ، وهو الحدث الأكبر للأمن ...

تتويج الفائزين بجائزة الابتكار العالمية في المياه

شهدت مدينة جدة اليوم حدثًا عالميًا مميزًا بتتويج الفائزين بـ “جائزة الابتكار العالمية في المياه” ...