أسعار الذهب أدنى 3300$: كيف سيكون أثر التوترات التجارية على المسار المقبل للأسعار؟

كُتب بواسطة: رانيا جول، كبير محللي الأسواق في XS.com – منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) 

شهد سعر الذهب (XAU/USD) انخفاضًا ملحوظاً في بداية تعاملات اليوم الاثنين، حيث تراجع إلى حوالي 3,286 دولار بعد أن وصل إلى أعلى مستوياته القياسية الأسبوع الماضي. وهذا التراجع برأيي يعكس تفاعلات السوق مع المتغيرات الاقتصادية العالمية، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. فالتفاؤل المتزايد بشأن تحسن هذه العلاقات، عقب التصريحات الإيجابية من وزيرة الزراعة الأمريكية، بروك رولينز، حول المحادثات اليومية بين البلدين بشأن الرسوم الجمركية، دفع المستثمرين إلى تقليص مراكزهم في الذهب كملاذ آمن. وهذا التحول في المعنويات أثر سلبًا على شهية المستثمرين للأصول الآمنة مثل الذهب، مما دفعه إلى الهبوط دون مستوى 3300 دولار، وهو ما يمثل تراجعًا ملحوظًا بعد الارتفاعات القياسية التي شهدها الأسبوع الماضي.

لكن يبقى الذهب ملاذًا آمنًا للمستثمرين في أوقات الشكوك الاقتصادية، وهو ما يشير إلى أن هذا الانخفاض قد يكون مؤقتًا. ففي حين أن العلاقة التجارية بين الولايات المتحدة والصين تعد عاملًا محفزًا لارتفاع شهية المخاطرة في الأسواق، لا تزال هناك عوامل مقلقة على المستوى الاقتصادي العالمي قد تدعم استقرار الذهب على المدى الطويل. فإعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن فرض رسوم جمركية واسعة النطاق في أبريل الماضي أثار مخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي الأمريكي، وهو ما قد يعزز من الطلب على الذهب كأداة تحوط ضد الركود الاقتصادي. كما أن تحذيرات صندوق النقد الدولي من خطر متزايد للركود الاقتصادي في الولايات المتحدة بسبب الحرب التجارية تضاف إلى هذه الصورة، يعزز من توقعات بقاء الذهب في دائرة الاهتمام كأصل آمن في ظل الظروف الاقتصادية غير المستقرة.

ومع اقتراب تقارير اقتصادية رئيسية هذا الأسبوع، مثل الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي للربع الأول وتقرير التوظيف لشهر أبريل، ستكون الأسواق من وجهة نظري في حالة ترقب لمعرفة مدى قوة الاقتصاد الأمريكي. وأي تراجع في البيانات الاقتصادية قد يعيد الزخم إلى الذهب ويعزز من مكاسبه مرة أخرى. على وجه الخصوص، إذا أظهرت التقارير ضعفًا في الاقتصاد الأمريكي، فمن المحتمل أن يندفع الذهب نحو الأعلى مجددًا، حيث يبحث المستثمرون عن ملاذات آمنة في ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة. ومن المهم الإشارة هنا إلى أن العلاقة بين الدولار الأمريكي والذهب ستكون محورية في تحديد المسار المستقبلي للأسعار. فعلى الرغم من المكاسب التي حققها الدولار الأسبوع الماضي، لا يزال المستثمرون يتوقعون أن يتبنى الاحتياطي الفيدرالي سياسة نقدية أكثر تيسيرًا في المستقبل القريب، مما قد يحد من قوة الدولار ويعيد الذهب إلى مستويات أعلى.

كما تشير بعض العوامل الهيكلية التي تؤثر على الطلب في سوق الذهب إلى تراجع في استهلاك الذهب في الصين، وهو ما يعكس تراجعًا في الطلب على المجوهرات الذهبية بسبب ارتفاع الأسعار. وبرأيي هذا التراجع في الاستهلاك قد يضغط على أسعار الذهب في المدى القصير. وعلى الرغم من ذلك، يشهد استهلاك السبائك والعملات الذهبية في الصين زيادة ملحوظة، مما يدل على أن الطلب على الذهب كأصل استثماري لا يزال قائمًا في بعض الأسواق. لذا أرى، إن انخفاض الاستهلاك في الصين قد يكون مصدر قلق على المدى القصير، لكنه لا يغير من حقيقة أن الذهب لا يزال يحظى بشعبية كأداة تحوط ضد المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية.

وبالنظر إلى المخاطر الجيوسياسية المستمرة، مثل الحرب الروسية الأوكرانية، تبقى الأسواق على حافة التأثيرات المحتملة لهذه الأزمة على الاقتصاد العالمي. والتحركات العسكرية والتصريحات السياسية في هذا السياق قد تؤدي إلى اضطرابات إضافية في الأسواق المالية، مما قد يدعم مرة أخرى الطلب على الذهب. لا سيما أن الحرب في أوكرانيا قد تظل عنصرًا مؤثرًا في الأسواق لفترة طويلة، خاصة مع تأكيد كوريا الشمالية لأول مرة تدخلها في هذا الصراع. وبرأيي هذه التطورات تزيد من عدم اليقين في الأسواق وتدفع الذهب مرة أخرى إلى دائرة الاهتمام كملاذ آمن.

وفي الختام، رغم التراجع الطفيف في سعر الذهب في الوقت الحالي، يبقى من المحتمل أن يستمر في مساره الصعودي على المدى الطويل إذا استمرت العوامل الاقتصادية العالمية في الضغط على الأسواق. فالمستثمرين الذين يراقبون تحركات الأسواق بعناية قد يجدون فرصًا جيدة في الذهب كملاذ آمن في ظل التوترات الجيوسياسية والمخاطر الاقتصادية. ولكن من المهم أيضًا أن يبقى المستثمرون حذرين من أي تحولات مفاجئة في المعنويات أو البيانات الاقتصادية التي قد تؤدي إلى تقلبات قوية في الأسعار.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أجرى سلسلة زيارات في طرابلس برفقة علي محمود العبد الله

السفير الصيني تشن تشواندونغ: شمال لبنان يمكن أن يلعب دورًا مهمًّا في الاقتصاد اللبناني وإعادة ...

الحاج يكشف عن خطة شاملة لإخراج قطاع الاتّصالات من سنوات الإهمال والانتقال من النطاق الضيّق إلى النطاق العريض

كشف وزير الاتّصالات شارل الحاج عن خطة شاملة لإخراج قطاع الاتّصالات من سنوات الإهمال، والانتقال ...

مرقص في تكريم نقابة مصممي الغرافيك الإعلام اللبناني: نحو خطوات تكاملية بين الإعلام والغرافيك

اقامت  نقابة مصممي الغرافيك  احتفالا تكريميا   للإعلام اللبناني برعاية وزير الإعلام المحامي د. بول ...