الأسهم الأمريكية ترتفع في بداية تعاملات لأسبوع وسط مناخ التفاؤل حول مرونة الاقتصاد

بقلم سامر حسن، محلل أسواق أول في XS.com

ترتفع العقود الآجلة لمؤشر S&P 500 في بداية تعاملات هذا الأسبوع وذلك بقرابة 0.3 وتقترب مجدداً من قمتها التاريخية التي سجلتها الجمعة الفائتة. كما أن العقود الآجلة لمؤشر ناسداك 100 والداو جونز ترتفع بذات الوتيرة تقريباً اليوم أيضاً.

اتجاه سوق الأسهم للمزيد من المكاسب يأتي وسط التفاؤل بمرونة الاقتصاد الأمريكي لمواجهة عدم اليقين المحيطة بملف الحرب التجارية وذلك على ضوء جملة البيانات المشجعة ونتائج البنوك التي تشير إلى متانة السوق.

يتنقل سوق الأسهم ضمن مشهد معقّد يتشكل بفعل تصاعد التوترات التجارية، وصمود الاقتصاد الأميركي رغم تباين مؤشراته، وقوة أرباح القطاع المصرفي، إلى بعض من حالة عدم اليقين السياسي المرتبطة بمجلس الاحتياطي الفيدرالي.

المفاوضات التجارية التي كانت تبشر سابقًا بالتقارب بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تنزلق نحو مواجهة مفتوحة. إصرار الرئيس ترامب على فرض تعريفات جمركية بنسبة 15% أو أكثر، وهي نسبة تفوق بكثير حد الـ 10% الذي وافق عليه الاتحاد الأوروبي بشكل مبدئي، دفع التكتل إلى الاستعداد للرد. 

ألمانيا، التي كانت تمثل سابقًا صوت الاعتدال، انضمت الآن إلى الموقف الفرنسي الأكثر تصعيدًا. الاتحاد الأوروبي يستعد لاستخدام أدوات قوية، من بينها أداة مكافحة الإكراه، لاستهداف الخدمات الرقمية الأميركية وفق وول ستريت جورنال. هذه الاستعدادات، رغم أنها لم تُفعّل بعد، تشير إلى إحتمالية تبدد هذا التفاؤل السائد بالتوصل إلى اتفاق. فما كان يُنظر إليه كفرصة لحل اللحظة الأخيرة، بات أقرب إلى عد تنازلي لاشتعال محتمل للحرب التجارية. 

لكن على النقيض من تلك التطورات التجارية، أظهر الاقتصاد الأميركي درجة لافتة من الصمود مما يعزز من صلابة مكاسب سوق الأسهم لمواجهة تلك المصاعب. المخاوف السابقة من صدمة قد يتعرض لها المستهلك الأمريكي عقب تصاعد الرسوم تراجعت مع عودة تدريجية للزخم في قطاع التجزئة والإنفاق وثقة المستهلك. مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن جامعة ميشيغن، والذي كان قد شهد انهيارًا في أبريل، بدأ في الارتفاع مجددًا. كما أن توقّعات التضخم هدأت، وتبددت المخاوف من ركود وشيك إلى حدّ كبير. 

علاوة على ذلك بنوك كبرى مثل جي بي مورغان تشيس لم تعد تتوقع حدوث انكماش. بل بدأ يتشكل سرد مختلف، يقوم على التفاؤل الحذر، حيث بدأ المستهلكون، وقد أرهقهم الترقب، في استئناف قرارات الإنفاق التي كانوا قد أرجؤوها. وعلى الرغم من أن القطاع الصناعي ما يزال يعاني، إلى جانب ضعف الطلب الاستهلاكي الناتج عن تراجع وتيرة الهجرة، فإن الإشارات الاقتصادية الأوسع تميل إلى الاستقرار لا الانكماش. 

أيضاً، مما قد يعزز من مكاسب سوق الأسهم في هذه الفترة هو الأداء القوي للقطاع المصرفي. فقد كشفت تقارير أرباح الربع الثاني الصادرة عن كبريات المؤسسات المالية في وول ستريت عن ارتفاع حاد في عائدات التداول. حيث أن غولدمان ساكس، ومورغان ستانلي وجي بي مورغان وسيتي غروب وبنك أوف أميركا، سجلوا مجتمعين زيادة بنسبة 17% في إيرادات الأنشطة السوقية، وذلك وسط تنامي تقلبات السوق الناجمة عن سياسات الرسوم الجمركية والغموض السياسي، والتي حفزت نشاط العملاء. 

ورغم أن إيرادات الخدمات المصرفية الاستثمارية أظهرت نتائج متباينة، فإن هناك مؤشرات متنامية على عودة شهية الشركات لعمليات الاندماج والطرح العام، لا سيما في الصفقات ذات الحجم الكبير بما قد يعكس بيئة التفاؤل حول مسار الاقتصاد.

كما يتجه السوق إلى التخلص من أحد العوامل التي كانت لتشكل عاملاً مؤرقاً ويتمثل بضغط الرئيس ترامب على رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول لإقالته. حيث نصح وزير الخزانة، سكوت بيسينت، بشدة بعدم الإقدام على هذه الخطوة، مستشهدًا بعوائق قانونية وسياسية بالإضافة إلى خطر زعزعة ثقة السوق وفق مصادر لوول ستريت جورنال.

هذه ليست المرة الأولى التي يتمكن بيسينت من ثني ترامب عن التسبب في زعزعة السوق. هذا ما قد يعطي الراحة للمستثمرين حيال امتناع فريق ترامب عن الدفع بقرارات من شأنها أن تتسبب بفوضى كبرى في السوق وهذا ما أعتقد أنه يجعل أي من الخسائر التي تتعرض لها السوق الأوسع قد تكون فرصة للانطلاق نحو قمم جديدة – هذا ما يحدث بالفعل.