كُتب بواسطة: رانيا جول ، كبير محللي الأسواق في XS.com- منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA)
يتحرك زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني في مسار متأرجح يعكس حالة عدم اليقين التي تهيمن على الأسواق العالمية، حيث نجح الزوج مرتين في الاقتراب من مستوى 149.00 خلال تداولات الأربعاء، بل وصل مؤقتًا إلى أعلى مستوى له في خمسة أسابيع عند 149.14، غير أنه بقي عاجزًا عن تجاوز المتوسط المتحرك الأسي لـ200 يوم قرب 148.22، مما يكشف عن ضعف القدرة على الحفاظ على الزخم في ظل ترقب المتعاملين للبيانات الاقتصادية الأمريكية المحورية المنتظرة هذا الأسبوع. وبرأيي، فإن هذه الحركة المحدودة تمثل انعكاسًا لتوازن هش بين ضغوط السوق الداخلية في اليابان وتوقعات السياسة النقدية الأمريكية التي باتت رهينة بيانات سوق العمل أكثر من أي وقت مضى.
فتاريخيًا، كان تقرير الوظائف غير الزراعية الأمريكي هو المرآة الأكثر وضوحًا لمزاج الاقتصاد العالمي، لكن هذا الأسبوع يكتسب صداه أهمية مضاعفة، إذ يضع المستثمرون أعينهم على كل إشارة قد تؤثر في قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي يوم 17 سبتمبر بشأن خفض أسعار الفائدة. ورغم أن بيانات التضخم الأخيرة أظهرت بعض التماسك، فإن توقعات الأسواق ما زالت تُرجّح أن يتجاهل مسؤولوا السياسة النقدية هذه القراءات ويقدموا على خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية إذا ما جاءت بيانات التوظيف ضعيفة. ومن وجهة نظري أن هذه المعادلة تمثل قيدًا مزدوجًا على حركة الدولار/الين؛ فمن جهة، الدولار يستمد قوته من كونه ملاذًا آمنًا وسط تقلبات عالمية، ومن جهة أخرى فإن أي تأكيد على ضعف سوق العمل الأمريكي سيزيد احتمالات تيسير السياسة النقدية، وهو ما قد يحد من مكاسب العملة الأمريكية أمام الين.
وبياناتADP المقرر صدورها اليوم الخميس لا تحظى عادة بموثوقية عالية كمؤشر استباقي لتقرير الوظائف غير الزراعية، لكنها تبقى تحت أنظار المستثمرين، خاصة وأن أي مفاجأة سلبية ستعزز من توقعات خفض الفائدة، بينما قد تؤدي قراءة قوية إلى إعادة تشكيل توقعات السوق في المدى القصير. وفي المقابل، سيصدر أيضًا مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات من معهد إدارة التوريدات(ISM)، المتوقع أن يظهر تحسنًا طفيفًا في آفاق النشاط الاقتصادي. وفي تقديري، إذا جاءت بياناتISM قوية بالتزامن مع تقريرADP إيجابي، فإن ذلك سيخلق دفعة قصيرة الأجل للدولار/الين نحو اختبار مستوى 149.50 وربما أعلى، لكن استمرار الاتجاه الصاعد سيبقى مرهونًا بنتيجة تقرير الوظائف غير الزراعية يوم الجمعة.
أما في المشهد الياباني، شهدنا ارتفاعًا حادًا في عوائد السندات الحكومية طويلة الأجل، حيث وصلت عوائد السندات لأجل 30 عامًا إلى مستويات تاريخية قرب 3.29%. وهذا الارتفاع، الذي جاء نتيجة عمليات بيع واسعة وسط مخاوف متزايدة بشأن حجم الدين الحكومي الياباني، أدى إلى تراجع الطلب على الين ودفعه إلى أضعف مستوياته أمام عدة عملات رئيسية، لا سيما أمام الدولار الأسترالي الذي حقق أكبر مكاسب نسبية مقابل الين خلال اليوم. ومن وجهة نظري، هذا التغير في سوق السندات اليابانية لا يعكس قوة اقتصادية بقدر ما يعكس ضغوطًا هيكلية على المالية العامة لليابان، وهو ما يضعف قدرة الين على استعادة مكانته كملاذ آمن مقارنة بالدولار.
أما على الجانب الأمريكي، فقد شهد مؤشر الدولار(DXY) تراجعًا بعد أن واجه ضغوط بيع قرب مستوى 98.60، وهو ما يعكس تذبذبًا في معنويات المستثمرين بين الرغبة في الاحتفاظ بالدولار كملاذ آمن وبين الميل لتقليص المراكز تحسبًا لبيانات اقتصادية حاسمة. وفي رأيي، فإن هذا السلوك يوضح أن الدولار يعيش لحظة اختبار صعبة: إذا أكدت بيانات الوظائف تراجعًا في سوق العمل، فإن ثقل توقعات خفض الفائدة سيطغى على جاذبية الملاذ الآمن مؤقتًا، بينما إذا جاءت البيانات قوية فإن الدولار سيستعيد زمام المبادرة أمام الين وربما يدفع الزوج لاختبار مستويات أعلى من 150.00.
من جهة أخرى، ينتظر المستثمرون بيانات فرص العمل(JOLTS) لشهر يوليو، والمتوقع أن تبلغ نحو 7.4 مليون وظيفة، وهو رقم مقارب للقراءة السابقة. وهذه البيانات، وإن كانت أقل تأثيرًا من تقرير الوظائف غير الزراعية، فإنها تعطي إشارات مبكرة حول آلية الطلب على العمالة. وبرأيي، أي هبوط ملموس في هذه الأرقام سيزيد من قلق الأسواق حول تباطؤ الاقتصاد الأمريكي، مما سيدعم الين بشكل محدود باعتباره بديلًا نسبيًا، لكنه لن يكون كافيًا لإحداث انعطاف حقيقي في الاتجاه العام للزوج.
وبشكل عام، أرى أن مستقبل زوج الدولار/الين في المدى القصير يتوقف على ثلاث حلقات مترابطة: أولًا، قوة أو ضعف بيانات الوظائف الأمريكية هذا الأسبوع، ثانيًا، مدى استعداد الفيدرالي لتبني نهج أكثر مرونة في اجتماع سبتمبر، وثالثًا، استمرار ضغوط السندات اليابانية التي تضعف جاذبية الين. فإذا جاءت بيانات الوظائف الأمريكية دون التوقعات، فإن الزوج قد يجد نفسه تحت ضغط للعودة نحو مستويات 146.50–147.00، أما إذا أكدت البيانات صلابة سوق العمل، فقد نرى محاولة جدية لاختراق مستوى 150.00، وهو حاجز نفسي وتقني بالغ الأهمية.
وبرغم كل ذلك، أؤكد أن الاتجاه المتوسط إلى الطويل الأجل سيبقى مرهونًا بالسياسات النقدية. فإذا شرع الفيدرالي بالفعل في دورة خفض للفائدة على مدار الربع الأخير من 2025، فإن ذلك سيضع سقفًا طبيعيًا لمكاسب الدولار أمام الين، خاصة إذا ترافق مع أي خطوات مفاجئة من بنك اليابان لكبح العوائد المرتفعة أو إعادة توجيه سياساته تجاه دعم العملة. وحتى ذلك الحين، سيبقى الزوج يتحرك في نطاق مشحون بالمفاجآت، حيث لا يملك أي طرف اليد العليا بشكل مطلق، بل تدور المعركة حول توازن هش بين بيانات العمل الأمريكية وضغوط السندات اليابانية.
التحليل الفني لـ الدولار/الين (USDJPY ):
بناءً على الرسم البياني لزوج الدولار الأمريكي/الين الياباني (USD/JPY) على إطار الأربع ساعات، نلاحظ أن السعر ارتد مؤخرًا من منطقة Golden Zoneالواقعة بين مستويات فيبوناتشي 0.66 – 0.78 والتي تتزامن مع المقاومة المحورية قرب 149.50. وهذا الارتداد يعكس ضعفًا في قدرة المشترين على اختراق هذه المنطقة، مما يعزز احتمالية دخول الزوج في مرحلة تصحيحية قصيرة الأجل إذا لم ينجح في استعادة الزخم الصاعد.

USDJPY 04.09.2025
والحركة الحالية تُظهر تماسك السعر فوق المتوسط المتحرك لـ200 فترة، مما يشير إلى بقاء الاتجاه العام مائلًا للصعود على المدى المتوسط. ومع ذلك، فإن مؤشر القوة النسبية والاستوكاستيك يُظهران تشبعًا شرائيًا واضحًا، وهو ما قد يدفع بعض المتداولين إلى جني الأرباح ودفع الزوج لاختبار مستويات دعم أدنى قبل أي محاولة جديدة لاختراق المقاومة العلوية.
وبقاء السعر فوق 147.40 سيحافظ على النظرة الإيجابية، حيث يمكن أن يعيد المشترون السيطرة إذا ما استقرت الأسعار أعلى 148.50. أما كسر هذا الدعم، فسيدعم هبوط أعمق نحو 146.50، في حين أن أي اختراق واضح فوق 149.50 سيؤكد امتداد الاتجاه الصاعد نحو 150.00 ثم 151.00.
مستويات الدعم: 147.40 – 146.50 – 146.00
مستويات المقاومة: 148.50 – 149.50 – 150.00
الدورة الإقتصادية الدورة الإقتصادية