توقعات الدولار الأميركي (DXY) بين دعم هش وضغط متصاعد: هل يفقد توازنه قريباً؟؟

كُتب بواسطة: رانيا جول ، كبير محللي الأسواق في XS.com- منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA)

في ضوء التطورات الأخيرة في الأسواق العالمية، يبقى مؤشر الدولار الأمريكي(DXY) محور النقاش بين المحللين والمستثمرين، حيث يواجه حالة من التوازن الهش بين التوقعات الهبوطية والتصحيحات الفنية قصيرة الأجل. حيث إن بقاء المؤشر متماسكًا عند مستوى 97.00 يشير إلى أهمية هذا المستوى النفسي باعتباره خط الدفاع الأول أمام أي ضغوط بيعية جديدة. ورغم ذلك، فإن استمرار تحرك المؤشر داخل قناة هابطة، وضعف زخم الأسعار على المدى القصير، يضعان علامات استفهام حول قدرة الدولار على الحفاظ على هذا التماسك لفترة طويلة.

حيث يظل المتوسط المتحرك الأسي لتسعة أيام عند 97.32 حاجزًا رئيسيًا يقف أمام أي محاولة صعودية، مما يجعله اختبارًا حاسمًا في المدى القريب. فإذا تمكن المؤشر من اختراق هذا المستوى بإغلاق يومي واضح، قد يدعم ذلك عودة الثقة التدريجية وزيادة احتمالات التوجه نحو الحد العلوي للقناة الهابطة عند 97.90، والمتزامن تقريبًا مع المتوسط الأسي لخمسين يومًا عند 98.03. وهذا السيناريو، رغم أنه قائم، يظل مشروطًا بتغير ملموس في المزاج العام للسوق وبظهور بيانات اقتصادية أمريكية أقوى من التوقعات. أما في حال الفشل في اختراق 97.32، فإن الدولار قد يعود سريعًا تحت ضغط جديد يدفعه إلى إعادة اختبار مستوى 96.22، وربما حتى 95.10 عند قاع القناة الهابطة.

وهناك عامل آخر لا يمكن تجاهله وهو مؤشر القوة النسبية(RSI) لأربعة عشر يومًا، والذي يستقر حاليًا دون مستوى 50. هذه الإشارة تعكس بوضوح سيطرة التحيز الهبوطي على تحركات الدولار، وتؤكد أن أي ارتداد صعودي في المرحلة الحالية سيكون هشًا وقابلًا للانقلاب ما لم يترافق مع تحسن حقيقي في المؤشرات الاقتصادية الكلية أو تبدل في السياسة النقدية. كما إن ضعف الزخم الفني يقترن أيضًا بارتفاع حالة الترقب في الأسواق العالمية تجاه مسار الفائدة الأمريكية، مما يجعل الدولار أكثر عرضة للتقلبات اللحظية الناجمة عن البيانات والتصريحات الرسمية.

وقرار بنك الاحتياطي الفيدرالي الأخير بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس كان بمثابة حدث مفصلي في توجيه حركة الدولار. وصحيح أن الأسواق كانت تتوقع هذا القرار منذ فترة طويلة، لكنه أتى بعد تسعة أشهر من الترقب، ما جعله يحمل تأثيرًا مضاعفًا على معنويات المستثمرين. فالهبوط الحاد لمؤشر الدولار إلى أدنى مستوى له منذ 43 شهرًا يعكس أن الأسواق قرأت الخفض كإشارة على دخول مرحلة جديدة من السياسة النقدية التيسيرية، خاصة وأن الأسواق تسعّر بالفعل مزيدًا من التخفيضات خلال الأشهر المقبلة.

لكن المفارقة التي أعادت بعض التوازن إلى السوق جاءت عبر تصريحات جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، الذي شدد على أن خفض الفائدة ليس مسارًا مبرمجًا سلفًا، بل سيظل خاضعًا لتطور البيانات الاقتصادية. وهذه الرسالة الحذرة كانت كفيلة بوقف التدهور السريع للدولار وإعادته إلى مستويات أعلى من القاع الأخير. بمعنى آخر، حاول باول توجيه توقعات السوق بحيث لا تبالغ في الرهان على دورة طويلة من التيسير النقدي. وهذا التوازن بين ما تريده الأسواق وما يقوله الفيدرالي سيظل المحدد الرئيسي لاتجاه الدولار في الأسابيع المقبلة.

ومن وجهة نظري، فإن السيناريو المرجح على المدى القصير يتمثل في استمرار تداول مؤشر الدولار ضمن نطاق ضيق نسبيًا، مع بقاء 97.00 كمستوى دعم أساسي، و97.32 كمقاومة أولية فاصلة. وهذا النطاق يعكس حالة الشد والجذب بين العوامل الأساسية والفنية. فإذا جاءت البيانات الاقتصادية الأمريكية المقبلة، مثل بيانات التضخم أو سوق العمل، أقل من التوقعات، فإن الدولار قد يفقد دعم 97.00 ويتجه سريعًا إلى مستويات أدنى. أما إذا أظهرت البيانات مرونة أكبر للاقتصاد الأمريكي، فإن المؤشر قد يستغل ذلك لاختبار مستويات 97.90 وربما 98.03.

وعلى المدى المتوسط، أرى أن التحيز الهبوطي سيظل الغالب ما دام الاحتياطي الفيدرالي ماضٍ في دورة خفض الفائدة، حتى لو كانت تدريجية. فالتخفيضات المتتالية، حتى وإن كانت محدودة، تمثل ضغطًا هيكليًا على عوائد السندات الأمريكية، وبالتالي تقلل من جاذبية الدولار كعملة ملاذ مقارنة بعملات أخرى مثل اليورو أو الين. إلا أن عنصر المفاجأة يبقى قائمًا دائمًا في تصريحات مسؤولي الفيدرالي، الذين قد يغيرون نبرة خطابهم بسرعة إذا ما ظهرت إشارات قوية على تعافي التضخم أو تباطؤ وتيرة التراجع في النشاط الاقتصادي.

وباختصار، يمكن القول إن مؤشر الدولار الأمريكي يعيش حالة من التوازن المؤقت بين ضغوط أساسية هبوطية ومحاولات تصحيحية فنية محدودة. والمستوى النفسي 97.00 يشكل خط الدفاع الأول، فيما يمثل المتوسط الأسي لتسعة أيام عند 97.32 نقطة اختبار للمضاربين على الصعود. وأي كسر واضح لهذا النطاق، صعودًا أو هبوطًا، سيحدد اتجاه المؤشر في المرحلة المقبلة. ومع استمرار الغموض المحيط بسياسة الفيدرالي وبالاقتصاد العالمي عمومًا، يبقى الحذر هو الخيار الأكثر عقلانية للمستثمرين والمتداولين، ريثما تتضح ملامح الدورة الاقتصادية المقبلة.

التحليل الفني لـ مؤشر الدولار (DXY ):

يظهر مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) على إطار الأربع ساعات أن المؤشر يتحرك حاليًا في نطاق تصحيحي بعد الهبوط الحاد الذي قاده إلى مستوى 96.80 تقريبًا. وارتداد السعر من هذا المستوى ترافق مع دخول المؤشر في منطقة تشبع بيعي على مؤشر الاستوكاستيك، مما عزز من احتمالات حدوث ارتداد فني صاعد قصير المدى. إلا أن الحركة الصعودية الحالية تبدو محدودة ضمن إطار التصحيح الفني، وليست بداية لاتجاه صاعد مستدام.

DXY 18.09.2025

ومن خلال تتبع أداة فيبوناتشي، نلاحظ أن السعر وصل بالفعل إلى منطقة الارتداد الذهبي(Golden Zone) بين مستويات 0.618 و0.786، والتي تقع قرب 97.40–97.55. هذه المنطقة تمثل مستوى مقاومة محوري قد يوقف الارتداد الحالي ويعيد الضغوط البيعية من جديد. والفشل في اختراق هذه المنطقة بشكل واضح سيؤكد استمرار التوجه الهابط على المدى المتوسط، مع احتمالات استهداف قيعان جديدة.

والاتجاه العام لا يزال يميل للسلبية، خصوصًا أن المؤشر يتداول أدنى المتوسط المتحرك الرئيسي، مما يعكس بقاء الضغوط الهبوطية قائمة. إضافة إلى ذلك، فإن البنية الموجية الحالية تشير إلى أن الحركة الحالية لا تتجاوز كونها موجة تصحيحية ضمن مسار هابط أكبر، مما يعزز احتمالات استئناف الهبوط بمجرد انتهاء هذا التصحيح.

وفي حال فشل السعر في الاستقرار فوق منطقة 97.50، فمن المرجح أن يستأنف الهبوط باتجاه مستويات 96.60 ثم 96.30. أما في حال تمكن من اختراق المقاومة المذكورة والإغلاق فوق 97.55، فقد نشهد محاولة جديدة لاستهداف الحد العلوي عند 97.85، لكن دون تغيير النظرة العامة الهابطة ما دام السعر دون 98.00.

مستويات الدعم: 96.80 – 96.60 – 96.30

مستويات المقاومة: 97.40 – 97.55 – 97.85

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أجرى سلسلة زيارات في طرابلس برفقة علي محمود العبد الله

السفير الصيني تشن تشواندونغ: شمال لبنان يمكن أن يلعب دورًا مهمًّا في الاقتصاد اللبناني وإعادة ...

الحاج يكشف عن خطة شاملة لإخراج قطاع الاتّصالات من سنوات الإهمال والانتقال من النطاق الضيّق إلى النطاق العريض

كشف وزير الاتّصالات شارل الحاج عن خطة شاملة لإخراج قطاع الاتّصالات من سنوات الإهمال، والانتقال ...

مرقص في تكريم نقابة مصممي الغرافيك الإعلام اللبناني: نحو خطوات تكاملية بين الإعلام والغرافيك

اقامت  نقابة مصممي الغرافيك  احتفالا تكريميا   للإعلام اللبناني برعاية وزير الإعلام المحامي د. بول ...