بقلم سامر حسن، محلل أسواق أول في XS.com
مددت البيتكوين خسائرها يوم الثلاثاء، لتتراجع إلى ما دون 107,000 دولار بالغة أدنى مستوياتها منذ شهر يوليو. فيما تختبر البيتكوين الأن خط الدفاع الأخير قبل العودة إلى 100,000 دولاراً وذلك بالقرب من 105,000 دولاراً.
أما العملات المشفرة البديلة، فقد تراجعت بوتيرة أسرع، إذ خسرت الايثريوممستويات 3,800 دولار.
قد تصاعدت وتيرة التراجع مع استمرار ضغوط البيع عبر معظم العملات الكبرى، في انعكاس لهروب أوسع من الأصول عالية المخاطر، وسط موجة مستمرة من تخفيض الروافع المالية التي ما زالت تُثقل كاهل السوق.
يعكس سلوك السوق في الآونة الأخيرة عملية واسعة لتصفية المراكز ذات الرافعة المالية القسرية في ظل تصاعد حالة عدم اليقين، خصوصاً مع غياب أي بوادر على استقرار التوترات التجارية بين واشنطن وبكين. ويبدو أن المتداولين المتفائلين أصبحوا أكثر تردداً في تحمل المخاطر، خوفاً من صدمات إضافية في بيئة تهيمن عليها التقلبات العالية وتقلّب السياسات الاقتصادية. هذا التراجع في الثقة عزز المزاج السلبي في السوق، مؤكداً أن الضعف الحالي لا يتعلق فقط بالعوامل الأساسية، بل يتصل أيضاً بضغوط السيولة وتدهور المعنويات العامة.
ووفقاً لبيانات CoinGlass، شهد سوق المشتقات المرتبطة بالعملات المشفرة موجة جديدة من عمليات التصفية الضخمة، إذ تمت تصفية مراكز شرائيةبما يتجاوز قيمتها 230 مليون دولار اليوم، بعد أكثر من 536 مليون دولار بالأمس. وقد فقد متداولي كل من البيتكوين والايثريوم أكثر من 100 مليون دولار من مراكز الشراء في تلك الفترة. وأصبحت مثل هذه التصفيات الضخمة، التي تصل إلى مئات الملايين من الدولارات، أمراً شبه معتاد في سوق العملات المشفرة، مما يسلط الضوء على مدى هشاشة المتداولين الذين يستخدمون الرافعة المالية عندما تتسارع وتيرة التقلبات.
كما تراجع إجمالي حجم المراكز المفتوحة في سوق العقود الآجلة للعملات المشفرة لليوم الثالث على التوالي، من 167 مليار دولار يوم الاثنين إلى أقل من 158 مليار دولار اليوم. ويشير هذا الانخفاض إلى عملية خفض الروافع المالية على نطاق واسع، إضافة إلى تراجع في المشاركة العامة بالسوق، إذ يغلق المتداولون مراكزهم أو يُجبرون على الخروج منها وسط موجات من نداءات الهامش والتصفيات المتتابعة. حيث يضيف تقلّص العقود المفتوحة طبقة جديدة من الضعف، حيث لم يتبقَّ عدد كافٍ من المشاركين لامتصاص التحركات الحادة أو للمساعدة في استقرار اتجاه السوق.
يواجه سوق العملات الرقمية حالياً فترة من التقلبات العالية التي قد تمهد بسهولة لحدث تصفية متسلسل جديد قادر على محو مليارات الدولارات في غضون دقائق. وتشير نظرية الاقتصاد القياسي إلى أن التقلبات تميل إلى التكتل، ففترات التقلب العالي غالباً ما تتبعها فترات مماثلة من الاضطراب، في حين أن فترات الهدوء يعقبها عادة استقرار نسبي. وحتى الآن، تبقى الأصول الرقمية عالقة في نظام تداول عالي التقلب، حيث تضاعف كل موجة تصفية تأثير التي تليها، مما يبقي السوق محصورة في حلقة متكررة من عدم الاستقرار الذاتي.
ولا تزال هذه البيئة تردع أي محاولات صعودية، خاصة بعد موجة التصفية الهائلة التي شهدها يوم الجمعة الماضي، والتي تجاوزت قيمتها 17 مليار دولار، وأدت إلى محو مراكز ضخمة ذات رافعة مالية عبر مختلف المنصات. وفي قطاع العملات البديلة، كانت الضربة أكثر قسوة، إذ فقدت العديد منها ما بين 25% و70% خلال لحظات معدودة أثناء الانهيار الذي حدث في الجمعة السوداء تلك، حين لم يتبقَّ أمام المتداولين المتفائلين سوى الخسائر الفادحة، وربما إعادة التفكير في القناعة بسرديات بعض العملات المشفرة.
ويضاف إلى هذه الضبابية تجدد التصعيد في النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، حيث اتخذت المواجهة منحى شخصياً بعد التصريحات الحادة التي وجهتها وزيرة الخزانة الأمريكية إلى كبير المفاوضين الصينيين، في إشارة إلى أن أي انفراج دبلوماسي لا يبدو قريباً. هذا الغموض في العلاقات التجارية العالمية ما زال يزعزع ثقة الأسواق ويجعل الأصول عالية المخاطر أكثر عرضة لاضطرابات جديدة.
ويبدو أن المستثمرين والمتداولين باتوا يشعرون بإحباط متزايد من بيئة السياسات غير المستقرة والمفاجآت المتكررة في نهج إدارة ترامب تجاه التجارة العالمية. ونتيجة لذلك، فإن أي تعافٍ قصير المدى في البيتكوين قد يظل مؤقتاً، وقد يمثل مجرد حركة تصحيحية صعودية ضمن هيكل هبوطي أوسع يتميز بقمم أدنى وقيعان أدنى
الدورة الإقتصادية الدورة الإقتصادية