بقلم سامر حسن، محلل أسواق أول في XS.com
تراجع الذهب للجلسة الثالثة على التوالي، مواصلاً صعوبة اختراق مستوى 4200 دولار للأونصة.
وترتبط هذه الصعوبة جزئياً بطبيعة التطورات الاقتصادية الحالية وبمزاج سوق السندات الأمريكية. فبحسب أداة متابعة توقعات الفيدرالي منCME، بات خفض الفائدة في ديسمبر يُسعَّر مجدداً كاحتمال شبه مؤكد بنسبة تقترب من 90 في المئة، بينما يُسعّر شهر يناير أيضاً بأكثر من 90 في المئة لخفض لا يقل عن 25 نقطة أساس.
ومع ذلك، يُظهر الذهب تردداً لافتاً في الاستفادة من هذا الميل الحمائمي، في انفصال يوحي بأن توقعات الفائدة، رغم دعمها، لم تعد كافية لدفع المعدن نحو موجة صعود جديدة ما لم ترافقها موجة أوسع من العزوف عن المخاطرة.
أحد العوامل التي تشكل هذا التردد هو التحسن النسبي في مزاج سوق الخزانة. فقد اقترب مؤشر آيس بنك أوف أمريكا موف، الذي يقيس مستوى الخوف في سوق السندات الأمريكية، من أدنى قراءاته منذ عام 2021.
ويوحي هدوء سوق السندات بتراجع المخاوف تجاه أوضاع المالية العامة، مما يقلل الحاجة للجوء إلى التحوط الدفاعي. ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه الدورة الاقتصادية بوادر استقرار، إذ تشير بعض المؤشرات إلى أن النشاط لم يعد يتدهور بنفس الحدة التي كان عليها في وقت سابق من العام.
وقدّم تقرير ADP الأخير إشارة مختلطة تخفف من حدة الرواية السلبية. فبحسب شركة معالجة كشوف الرواتب، فقد القطاع الخاص 32 ألف وظيفة في نوفمبر، بعد تقدير بإضافة 47 ألف وظيفة في أكتوبر، في انعكاس لمزيد من الضعف، لا سيما بين الشركات الصغيرة التي فقدت 120 ألف وظيفة صافية.
مع ذلك، تضمّن التقرير بعض الإشارات الإيجابية. فقد أفاد التقرير المتأخر لشهر سبتمبر، قبل عيد الشكر، بأن الاقتصاد أضاف 119 ألف وظيفة صافية، بينما أشارت بيانات إعانات البطالة الأخيرة إلى عدم وجود تسارع في عمليات التسريح.
كما أوضحت ADP أن التراجع يتركز في الشركات الصغيرة، بينما تواصل الشركات الأكبر التوسع بوتيرة معتدلة. ويعزز هذا الطرح بأن سوق العمل يشهد تباطؤاً وليس انهياراً، وهو ما يمنح الاحتياطي الفيدرالي مساحة أكبر لمواصلة مسار التيسير.
وظهرت ضغوط إضافية على الذهب من قطاع الخدمات. فقد ارتفع مؤشر ISM لمديري المشتريات في الخدمات بشكل طفيف إلى 52.6 في نوفمبر، متجاوزاً التوقعات ومشيراً إلى استمرار التوسع في نشاط الأعمال والطلبات الجديدة. ووفقاً لستيف ميلر، رئيس لجنة المسح، فإن مزيجاً من تراكم الطلبات وتعافي مستويات الطلب يعكس بدايات انتعاش في قطاع الخدمات.
وبالنسبة للذهب، يُعد هذا الصمود عاملاً ضاغطاً لأنه يقلل مخاوف الركود ويخفف الحاجة إلى تدفقات الملاذات الآمنة، خصوصاً مع تراجع ضغوط الأسعار إلى أدنى مستوياتها منذ أبريل.
كما أثّر القطاع الصناعي على المعنويات. فقد أفاد الاحتياطي الفيدرالي بأن الإنتاج الصناعي في الولايات المتحدة ارتفع بنسبة 0.1 في المئة في سبتمبر بعد تراجع نسبته 0.3 في المئة خلال الشهر السابق. ورغم أن الارتفاع كان مدفوعاً بالكامل بقطاع المرافق، فإن استقرار الإنتاج الصناعي يشير إلى أن مرحلة الانكماش بدأت تفقد زخمها.
وتشير هذه الإشارات المتدرجة إلى أن الاقتصاد الصناعي لم يعد يتدهور، وهو ما قد يشكل عاملاً إضافياً يُحد من الزخم الصعودي المحتمل للذهب.
الدورة الإقتصادية الدورة الإقتصادية