دول مجلس التعاون الخليجي تتطلع إلى مرحلة ما بعد جائحة كوفيد-19 من خلال إعادة النظر في دور العمالة الوافدة والضرائب

أصدرت بي دبليو سي اليوم  أحدث نسخة من نشرتها الاقتصادية للشرق الأوسط تحت عنوان “دول مجلس التعاون الخليجي تعيد النظر في دور العمالة الوافدة والضرائب في مرحلة ما بعد جائحة كوفيد-19”. وفي ظل التغيرات التي شهدتها المنطقة خلال العام الماضي، تتناول هذه النسخة من النشرة الاقتصادية اتجاهين من الاتجاهات السائدة في دول الخليج، وهما: العمالة الوافدة والضرائب، حيث أنهما اتجاهان سابقان للأزمة، ولكن زاد التركيز عليهما نتيجة للأزمة ولا سيما في ظل تزايد أهمية التنويع الاقتصادي أكثر من أي وقت مضى.

الإصلاحات الجارية في نظم الإقامة

تشير تطورات إصلاح العمالة الجارية في دول مجلس التعاون الخليجي إلى اتجاه أوسع لإعادة النظر في أدوار وحقوق العمالة الوافدة الذين لطالما تم اعتبارهم مقيمين مؤقتين في مرحلة انتقالية من مراحل التنمية في المنطقة. وفي حين تعزى هذه التغييرات إلى حد ما إلى الانتقادات الدولية لنظام الكفالة التقليدي والمخاوف المتعلقة برفاهية بعض العمال، إلا أن حكومات المنطقة تتطلع أيضاً إلى تحويل المنطقة وخلق سبل جديدة للنمو والفرص وتعزيز القدرة على مواجهة الأزمات.

وفي هذا الصدد، أشار ريتشارد بوكسشال، الخبير الاقتصادي الأول في بي دبليو سي الشرق الأوسط، قائلاً: “في الوقت الذي تتطلع فيه المنطقة إلى التنويع، فمن الأفضل تقدير أهمية العمالة الوافدة كرواد للأعمال ومستثمرين ومستهلكين، بل وكدافعي ضرائب. حيث أسهمت هذه التغييرات التي طرأت على حقوق الإقامة والعمل في اجتذاب العمالة الوافدة عالية القيمة والاحتفاظ بها، مع تحسين بيئة الأعمال في الوقت نفسه. ونتوقع أن تستمر أنظمة الإقامة طويلة الأجل باعتبارها ركنًا من أركان التنمية الرئيسية في السنوات القادمة ونتطلع إلى جذب أفضل المواهب والمستثمرين في العالم والاحتفاظ بهم”.

ومن الجدير بالذكر أن قطر كانت أول دول خليجية تطلق نظام الإقامة طويلة الأجل في عام 2018، تلتها المملكة العربية السعودية في عام 2019 والإمارات العربية المتحدة بتأشيرتها الذهبية المتاحة لمجموعة مختارة من المستثمرين والمواهب من جميع أنحاء العالم.

على الرغم من أن دول مجلس التعاون الخليجي كانت بشكل عام لا تفرض أية ضرائب أو كانت تفرض ضرائب منخفضة للغاية، فإن البيئة الضريبية في وقتنا الحالي تتغير بوتيرة سريعة مليئة بالتحدي المتمثل في انخفاض أسعار النفط منذ عام 2015  إلى جانب الوعي المتزايد، وخاصة خلال العام الماضي، بأنه من أجل التحول لاستخدام الطاقة النظيفة يجب إعادة النظر في النموذج الضريبي الذي تتبعه المنطقة. حيث بدأت الجهود المبذولة لتنويع الاقتصادات والمالية العامة في إحراز تقدم أخيراً، ولكن التحدي يتمثل في تفادي تصادم هذين الهدفين والعمل ضد بعضهما البعض.

وجاءت معظم الزيادات الضريبية منذ عام 2017 من ضريبة القيمة المضافة المطبقة في ثلاث دول خليجية حتى الآن، ومن الضريبة الانتقائية التي يطلق عليها اسم “ضريبة الخطيئة أو ضريبة الحد من استهلاك السلع الضارة”، والتي تطبق في جميع دول الخليج باستثناء دولة الكويت. وقد وصلت إيرادات ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية معاً إلى ما يناهز 24 مليار دولار، أي أكثر من ربع إجمالي الإيرادات الضريبية في عام 2019. ومن المقرر أن تؤدي زيادة ضريبة القيمة المضافة في المملكة العربية السعودية من 5% إلى 15% في يوليو 2020 وتطبيق ضريبة القيمة المضافة في سلطنة عمان في أبريل إلى مضاعفة حصيلة الضرائب مرة أخرى لتصل إلى 47 مليار دولار تقريباً في عام 2021، أي ما يقرب من نصف جميع الضرائب المطبقة في دول الخليج. وجاءت الزيادة الضريبية الرئيسية الأخرى من الضرائب التي فرضتها المملكة العربية السعودية على العمالة الوافدة تدريجياً منذ عام 2017، والتي جمعت ما يقرب من 15 مليار دولار في عام 2019 فقط.

ويمثل تعزيز حصيلة الضرائب واحدة من الأولويات القصوى، وخاصة بالنسبة للدول ذات الحيز والاحتياطيات المالية الأقل، مثل سلطنة عُمان ومملكة البحرين، وبدرجة أقل بالنسبة للمملكة العربية السعودية. مع ذلك، فهناك مخاطر تتمثل في إمكانية  تسبب التكلفة المتزايدة وتعقيد الضرائب  في الضغط على كاهل الشركات المحلية، وخاصة في هذه الفترة الصعبة التي تتعافى  فيها الشركات والمؤسسات من الجائحة، مما يعيق الجهود المبذولة لجذب الاستثمارات الأجنبية للمساعدة في الانتقال بالاقتصادات إلى ما هو أبعد من النفط، وربما يؤدي ذلك إلى سخط اجتماعي.

وكان من بين الإجراءات المتخذة لمواجهة هذا الموقف منح إعفاءات ضريبية مؤقتة، وقد بادرت معظم دول الخليج إلى منح هذه الإعفاءات خلال عام 2020، ولا سيما للشركات في القطاعات الأكثر تضرراً من إجراءات الحظر والإغلاق. وحتى قبل تفشي الجائحة، كانت المملكة العربية السعودية تقدم إعفاءات لشركات الصناعات التحويلية والشركات الصغيرة والمتوسطة من رسوم العمالة الوافدة المرهقة. وعلى الرغم من أهمية وتأثير الإعفاءات قصيرة الأجل، تحتاج الشركات إلى مؤشرات توضح ما ينتظرها على المدى الطويل من أجل تحفيزها على الاستثمار والمجازفة.

وأضاف مارك سكوفيلد، الشريك المسؤول عن الخدمات الضريبية والقانونية في بي دبليو سي الشرق الأوسط  قائلاً: “من خلال التصميم الدقيق، يمكن استخدام السياسات الضريبية في التشجيع على تحقيق نتائج إيجابية، والاستفادة منها في توليد الإيرادات، وفي خفض تكلفة تحصيل الضرائب، والأهم من ذلك، في تعزيز القدرة التنافسية”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بخاش: الاعتداءات الممنهجة على المراكز الصحية في الجنوب هي جرائم حرب

استنكر مجلس نقابة أطباء لبنان في بيروت الاعتداءات الممنهجة على الجسم الطبي والتمريضي من قبل ...

Visa تطلق حلولاً جديدة مرتكزة إلى الذكاء الاصطناعي دعماً لأعمالها بمجال خدمات القيمة المضافة

*إضافة ثلاثة حلول جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى مجموعة Visa Protect للمساعدة في منع الاحتيال ...

تقرير جديد من ماستركارد يكشف بأن التواصل البشري والابتكار التقني أساسيان لبناء مدن المستقبل

• تقرير مدن المستقبل من ماستركارد يستكشف تطلعات سكان المناطق الحضرية في منطقة الشرق الأوسط ...